القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة

إلهنا القدوس يريد أن تكون أفكارنا دائما طاهرة ونقية‏,‏ لا تتلوث ولا تلوث القلب معها إذا ما تحولت من أفكار إلي شهوات‏والأفكار الشريرة علي أنواع‏:‏ منها أفكار النجاسة‏,‏ وأفكار الحقد والإنتقام‏,‏ وأفكار العظمة والكبرياء‏,‏وأفكار الدهاء والنصب‏,‏ وأفكار التجديف والإلحاد‏.‏ وما إلي ذلك‏ ، والأفكار الشريرة تأتي إما من فساد داخل النفس‏,‏ وإما من حروب الشياطين‏,‏ أو من عشرة رديئة منحرفة‏.‏

ـ ونصيحتي لك أنك لا تنتظر حتى تهجم عليك الأفكار ثم تقاومها بل الأفضل ـ إن استطعت ـ أنك لا تعطيها مجالا علي الإطلاق للوصول إليك‏.‏ وكيف ذلك؟ أشغل فكرك بإستمرار بما هو مفيد‏.‏

ـ ولكن إن حدث ودخل فكر رديء إلي عقلك‏,‏ استبدله بفكر آخر يحل محله‏.‏ لأن العقل لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق‏.‏ لذلك ينبغي أن يكون الفكر الجديد الذي تريد به أن تغطي علي فكر المحاربة‏,‏ فكرا عميقا حتى يمكنه أن يطرد الفكر الآخر‏.‏ كالتفكير في لغز أو مشكلة أو مسألة عقائدية‏,‏ أو موضوع يهمك جدا‏,‏ أو محاولة تذكر شيء نسيته ـ أو في مشكلة عائلية أو إجتماعية مهمة‏,‏ أو في سؤال عويص ليس من السهل الإجابة عنه‏,‏ أو في موضوع يسرك أن تستمر أن تفكر فيه‏ ، أما التفكير السطحي فلا يطرد الأفكار المحاربة لك إنما تطرد أفكارا تكون أعمق منها‏,‏ تدخل إلي أعماقك وتحل محل تلك الأفكار الشريرة‏.‏

ـ يمكنك أيضاً أن تطرد الأفكار التي تحاربك‏,‏وذلك بأسلوب الإحلال‏.علي أن تكون أيضا قراءة عميقة‏ لأن القراءة السطحية تعطي مجالات السرحان‏,‏ ويبقي الفكران معا‏ًً:‏ أحدهما سطحي والآخر عميق‏.‏ فإن حاربك فكر شهوة‏,‏ لا تصلح لطرده قراءة عادية‏,‏ بل تصلح القراءة التي تشغل الفكر في عمق‏ وربما يطرد الفكر عن طريق الصلاة‏.‏ لأن الإنسان يستحيي من الفكر الخاطئ أثناء مخاطبته لله في صلاته كما أنه ينال معونة من الصلاة إن كانت بحرارة تقاوم السرحان‏.‏ وقد يطرد الفكر بالإنشغال بعمل يدوي‏,‏ إن كان هذا العمل يحتاج إلي انتباه وتركيز‏.‏ وعموما فإن العمل يشغل الإنسان ويريحه من حرب الأفكار‏,‏ بعكس الفراغ الذي يكون مجالا لحروب الفكر‏.‏ لذلك قال الحكماء إن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد‏.‏ بينما الذي لا يعمل تحاربه عدة شياطين‏ فإن لم يمكن طرد الفكر الشرير بكل هذه الوسائل‏,‏ فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر‏.‏ لأنه من الصعب أن يتكلم مع إنسان في موضوع معين‏,‏ وفي نفس الوقت يكون عقله منشغلا بفكر آخر‏ كذلك ينفعه أن ينشغل بأي نوع من التسلية‏,‏ سواء كانت فردية أو مشتركة مع آخرين‏.‏


ـ المهم أنك لا تترك الفكر الخاطئ ينفرد بك‏,‏ أو تنفرد به‏ إن عملية تشتيت الفكر الخاطئ أو إحلال فكر آخر محله‏,‏ أو شغل الذهن عنه بعمل أو بتسلية‏,‏ أو حديث أو كتابة أو قراءة أو صلاة‏..‏ كل ذلك يضعف الفكر أو يطرده أو ينسيه إياه‏.‏


ـ كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معه‏ فقد يأتيك مثلا فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك‏.‏ لأنه طالما تبقي داخلك أسباب الغضب‏,‏ فلابد أن ترجع إليك الأفكار مهما طردتها‏ فإن كان الفكر سببه قراءة معينة أو سماعات من الناس أو عثرة من الحراس‏,‏ أو مشكلة تشغلك‏,‏ فحاول أن تتفادى هذه الأسباب‏,‏ أو تجد حلا‏.‏ وهكذا تمنع الفكر بمنع سببه‏.‏


ـ وإن حاربتك أفكار كبرياء أو عظمة أو مجد باطل‏,‏ فتذكر أنك مخلوق من تراب‏,‏ وإلي تراب تعود‏.‏ وأن أفكار الكبرياء تمنع عنك نعمة الله فتتعرض للسقوط‏.‏ وكما قال سليمان الحكيم قبل الكسر الكبرياء‏,‏ وقبل السقوط تشامخ الروح‏ وإن حوربت بمحبة الله وتحزينه‏,‏ فضع في ذهنك بإستمرار أنك في يوم من الأيام ستترك هذا العالم وكل ما فيه من مال ومقتنيات‏,‏ ولا يصحبك في طريق الأبدية سوي أعمالك‏,‏ خيرا كانت أم شرا‏ًً ، في كل ذلك تقاوم الأفكار الخاطئة عن طريق مناقشتها روحيا وتحليلها والرد عليها‏.


ـ علي أنه في مقاومة تلك الأفكار‏,‏ ألجأ إلي السرعة وعدم التساهل في طرد الفكر‏.‏ لأنك إن طردت الفكر بسرعة‏,‏ فسوف يضعف أمامك‏.‏ أما إن أعطيته فرصة وتساهلت معه‏,‏ فسوف يقوي عليك‏,‏ وتضعف أنت في مقاومته‏.‏ إذ قد تنضم إليه أفكار أخري وتزداد فروعه ـ كما أنه قد ينتقل من العقل إلي القلب‏,‏ ويتحول إلي شهوة‏,‏ ويبسط نفوذه علي إرادتك‏.‏


 بعض الآباء كانوا ينصحون في التخلص من الأفكار الخاطئة‏,‏ أن نضع أمام الفكر آية من آيات الكتابة تنهي عنه أو تشرح ضلاله‏.‏ والإنسان بتذكره هذه الآيات يخشي الله ويوقف الفكر الشرير‏,‏ ولكن هناك أفكارا تحتاج إلي طرد سريع‏,‏ وليس إلي الفحص والتحليل‏.‏ لأن ذلك قد يؤدي إلي تثبيت الفكر بالأكثر‏,‏ وإطالة مدة إقامته‏.‏ كما قد يتسبب في تشعب الفكر‏.‏ لذلك إن هاجمتك الأفكار الشريرة‏,‏ يجب أن تصدها بسرعة‏.‏ لا تتساهل معها‏,‏ ولا تتراخ‏,‏ ولا تتماهل‏,‏ ولا تتفاوض إطلاقاً مع الفكر لا تأخذ معه وتعطي‏.‏ لأنك كلما استبقيته عندك‏,‏ يأخذ قوة‏,‏ ويثبت أقدامه‏,‏ ويحتل منطقة أوسع في تفكيرك‏.‏ وبهذا يأخذ سلطانا عليك‏.‏ أما في بدء مجيئه فكان ضعيفا يسهل طرده‏.‏


**‏ إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وإفراز وإلي معونة إلهية أو معونة من المرشدين الخبيرين بالأفكار وطرق مقاومتها‏.‏ فهم لا يجهلون حيل عدو الخير وأسلوبه في طرح الأخبار‏.‏ لذلك فالمبتدئ في الروحيات‏,‏ وليست له خبرة بمقاتلة الأفكار‏,‏ ينفعه جدا أن يسأل مرشدا روحيا ذا خبرة‏ وفي نفس الوقت حينما يصلي أن ينقذه الله من الأفكار‏,‏ ما أسرع ما يأتيه العون الإلهي الذي يساعد المجاهدين في حياة البر‏,‏ ويحرسه الرب من الفكر‏.‏


ـ وبوجه عام فإن حرص الإنسان علي نقاوة قلبه‏,‏ تجعله في حصانة من غزو الأفكار الشريرة له‏.‏ قد تحاربه ولا تقدر عليه‏.‏ لأن البر الذي فيه يكون دائما أقوي من الشر الذي يحاربه‏.‏ فيصده عنه بسرعة‏,‏ وتحميه نعمة الله من السقوط‏.‏
reaction:

تعليقات