القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة


الاتحاد الأقنومي Hypostatic union - enwsiV kaq upostasin
كلمة أقنوم upostasiV عند القديس كيرلس تعنى الشخص proswpon  مع الطبيعة fusiV التى يحملها. وعبارة الاتحاد الأقنومى enwsiV kaq upostasin  عنده لا تعنى إطلاقاً اتحاد أشخاص بل اتحاد طبائع فى شخص واحد بسيط، اتحاداً طبيعياً أو بحسب الطبيعة enwsiV kata fusin. أى أن عبارة الاتحاد الأقنومى بمنتهى الوضوح تعنى عند القديس كيرلس اتحاد طبيعتين اتحاداً طبيعياً فى شخص واحد بسيط.
وقد استخدم القديس كيرلس تشبيه الإنسان لإبراز معنى الاتحاد الطبيعى والأقنومى. فقال أن الإنسان مكون من طبيعتين مختلفتين متحدتين اتحاداً طبيعياً فى شخص واحد بسيط لتكوين أقنوم الإنسان المركب الواحد. والجسد الإنسانى يخص النفس العاقلة البشرية ويتحد بها اتحاداً طبيعياً بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. وقال إن الكلمة المتجسد مكوّن من طبيعتين مختلفتين؛ الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية وقد اتحدتا اتحاداً طبيعياً لتكوين الأقنوم الواحد المركب فى شخص الله الكلمة البسيط (غير المركب). [ شرح القديس كيرلس هذا المفهوم فى رسالته الثانية إلى سكسينسوس (†) فى الفقرة السابعة ([1]) وكذلك فى رسالته الثالثة إلى نسطور الفقرة التاسعة ([2]) ].
وفى الحقيقة أن "الاتحاد الطبيعى" هو ضرورة لتكوين الشخص الواحد من طبيعتين. لأن من يملك خاتماً من الذهب ويلبسه فى إصبعه لا يكون هذا الخاتم من طبيعته الخاصة ولا من صميم كيانه ولا يكوِّن معه شخصاً واحداً حقيقياً. فالشخص الواحد يملك طبيعته أو طبائعه التى تكوّن منها بحيث تكون هى طبيعته الخاصة جداً التى يتصف بها.
فإذا سكن الكلمة فى إنسان مجرد سكنى، أو إذا إلتحف بالإنسان مجرد كرداء فليس هذا الالتحاف هو من صميم كيان الشخص الملتحف بالرداء.
إن روح الإنسان لا تسكن فقط فى جسدها الخاص ولكنها تتحد به اتحاداً طبيعياً وأقنومياً لتكوين الطبيعة البشرية الكاملة والشخص البشرى يملك جسده كمكوّن لطبيعته الخاصة.
لهذا قال القديس كيرلس إن الكلمة قد "أخذ جسداً طاهراً من العذراء القديسة، جسداً مُحيياً بنفس عاقلة animated rationally ، وهكذا أعلن أن الجسد هو جسده من اتحاد لا يُدرك وبلا اختلاط ولا يُوصف على الاطلاق، ليس كجسد شخص آخر، بل جسده هو الخاص به جداً His very own ". ([3]) وهو يقصد بهذا أنه جعل الطبيعة الإنسانية التى اتخذها من العذراء مريم خاصة به جداً، ولم يتخذ شخصاً من البشر، بل طبيعة بشرية كاملة.
وفى رسالته الثالثة إلى نسطور قال: "وإذ نعترف بكل تأكيد أن الكلمة إتحد بالجسد أقنومياً، فإننا نسجد لإبن واحد الرب يسوع المسيح... لذلك إذن فنحن ندرك أنه إذ صار جسداً فلا يقال عن حلوله أنه مثل الحلول فى القديسين، ولا نحدد هذا الحلول فيه أنه يتساوى وبنفس الطريقة كالحلول فى القديسين. ولكنه إذا اتحد حسب الطبيعة katav fuvsin eJnwqei;" ولم يتغير إلى جسد، فإنه حقق حلولاً مثلما يقال عن حلول نفس الإنسان فى جسدها الخاص...
وكما قلنا سابقاً، فإن كلمة الله قد اتحد بالجسد أقنومياً kaq j uJpovstasin  فهو إله الكل ورب الجميع وليس هو عبد لنفسه ولا سيد لنفسه." ([4])
موقف القديس كيرلس:
فى هذه الفترة شعر القديس البابا كيرلس بمحاولة الأساقفة المعجبين أو المتمسكين بنسطور وتعاليمه لإعادة النسطورية  إلى الشرق فى المناطق المحيطة بالكرسى الأنطاكى، فكتب إلى يوحنا الأنطاكى والمجمع الأنطاكى وإلى أكاكيوس أسقف ميليتين وإلى الإكليروس ولمبونوس الكاهن وإلى الإمبراطور ثيئودوسيوس محذراً من التيار النسطورى الذى يحاول أن يتخفى خلف تعاليم ثيئودور الموبسويستى وديودور الطرسوسى معلمى نسطور. ثم عاد وكتب إلى بروكلس أسقف القسطنطينية حول تداعيات هذا الموضوع، ثم كتب إلى رابولا أسقف الرُها رداً على الرسالة التى بعث بها إليه، مادحاً إياه على وقوفه ضد تعاليم ثيئودور الموبسويستى والتيار النسطورى فى الشرق.
ونقتبس من رسالة القديس كيرلس إلى الإمبراطور ثيئودوسيوس ما يلى: "كان هناك شخص ما اسمه ثيئودور وقبله ديودور، الأخير أسقف طرسوس والأول أسقف موبسويستيا، هذان كانا أبوى تجديف نسطور. ففى الكتب التى ألّفاها، تكلما بجنون شديد ضد المسيح مخلصنا جميعاً، لأنهما لم يفهما سره، وأراد نسطور أن يُدخل تعاليمهما فى وسطنا ولذلك عزله الله.
ومع ذلك فبينما حرم بعض أساقفة الشرق تعاليمه، فإنهم بطريقة أخرى يدخلون الآن هذه التعاليم نفسها أيضاً حينما يبدون إعجابهم بتعاليم ثيئودور ويقولون أنه كان يفكر تفكيراً صحيحاً يتفق مع آبائنا، أعنى أثناسيوس وغريغوريوس وباسيليوس. ولكنهم يكذبون ضد الرجال القديسين. فكل ما كتبه هؤلاء (القديسون) هو على عكس آراء ثيئودور ونسطور الشرير.
لذلك حيث إنى قد عرفت إنهم (بعض أساقفة الشرق) ربما يأتون بأمور معينة مختصة بهؤلاء الرجال (أى ثيئودور وديودور) إلى مسامعك التقية، فاطلب أن تحفظوا نفوسكم سليمة تماماً ونقية من تعاليم ثيئودور وديودور الكُفرية." ([5])
وقبل ذلك فى رسالته إلى الإكليروس ولمبونوس الكاهن قال القديس كيرلس: "حينما كنت مقيماً فى إيليئون، ([6])  أحضر إلىّ أحد الرجال الرسميين الذى يخدم جندياً فى القصر رسالة كبيرة ذات سطور كثيرة مختومة، استلمها من الأرثوذكس فى أنطاكية. وهى تحمل توقيعات كثيرين من الإكليروس والرهبان والشعب، هؤلاء يتهمون أساقفة الشرق أنهم بالرغم من صمتهم عن ذكر اسم نسطور، وتظاهرهم بأنهم يرفضونه، إلا إنهم كانوا ينقضون على كتب ثيئودور بخصوص التجسد (التأنس) التى تحوى تجاديف أكثر خطورة من تجاديف نسطور. فقد كان هو أبو التعليم الشرير الذى لنسطور، ولأنه أعلن تعاليم نسطور، فإن هذا الرجل العديم التقوى كان بين هؤلاء الذين هو الآن معهم. وأنا كتبت إلى التقى جداً أسقف أنطاكيا (يوحنا) أنه لا يجب أن يعلّم أحد فى الكنيسة بتعليم ثيئودور الكُفرية.
وحينما وصل التقى جداً الشماس الأرشمندريت مكسيموس إلى الأسكندرية صاح كثيراً ضدهم قائلاً إن الأرثوذكس ليس لهم مكان هناك ولا حرية أن يتكلموا بتعاليم الإيمان الصحيح." ([7])


 انظر نص الرسالة بالكامل فى ملحق رقم 4 من هذا الكتاب.
[1]St. Cyril of Alex, Letter to Succensus, The Fathers of The Church, C.U.A. Press, Washington D.C., Vol. 76, 1978, par. 7, p.201.
[2]Ibid.,  Third Letter to Nestorius,  par. 9 p.84.
[3]Ibid.,  Letter to Valerian of Iconium, par. 3, p.213.
[4]Ibid., Third Letter to Nestorius,  par. 9,10, pp. 83,85.
[5]Ibid., Vol. 77 - Letter to Emperor Theodosius, p. 70-71.
[6] الاسم الرومانى لمدينة أورشليم.
[7]Ibid., p. 68.
reaction:
خادم أم النور
خادم أم النور
rabony333@gmail.com

تعليقات