القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة

إعادة الوحدة تُفَسَّر بطريقة مختلفة


تفاقم التوتر بين الجانبين لأن إعادة الوحدة لم تُفهم بالمعنى نفسه من قبلهما[1]. فالسكندريون من جهتهم، نظروا إليها كأمر جعل الأنطاكيين يقبلون مجمع سنة 431م بدون أى شروط أو تحفظات، وكيرلس نفسه فهم الأمر بهذا المعنى وأوضح لمؤيديه عندما سألوه. وهذه النظرة الكيرلسية –كما سنرى فيما بعد- أكد عليها ساويروس الأنطاكى باقتدار فى القرن السادس[2]، وكان للسكندريين تبريرهم الكافى لهذا الموقف. ألم يوافق الأنطاكيون، على سبيل المثال، على أن يسحبوا اعتراضاتهم الثلاثة على مجمع أفسس؟ ألم يعيدوا العلاقات مع كيرلس السكندرى من دون أن يجعلوه يتراجع عن حروماته (الاثنى عشر) أولاً؟
وبالرغم من أن شرعية هذا الدفاع السكندرى لا يمكن أن تُدحض، إلا أن ثيئودوريت أسقف كورش ومؤيديه كانوا غير راغبين فى التسليم والإقرار به. ومضى ثيئودوريت، من جهته، قدماً فى الاعتقاد بأن إعادة الوحدة سنة 433م ألغت كل قرارات المجمع سنة 431م، التى لم يقرّوها إقراراً تاماً (إيجابياً)، وتاياً بذلوا قصارى جهدهم ليؤسسوا ويقيموا لاهوتاً أنطاكياً قوياً (أى متطرفاً) على أساس صيغة إعادة الوحدة (بحسب مفهومهم الخاص)، وسعوا كذلك لوضع رجالهم المؤيدين لهم فى الأماكن والمناصب الرئيسية والأساسية لينشروا هذا اللاهوت، وظنوا أنهم يستطيعون تحقيق ذلك عن طريق الاعتراف برسالة كيرلس الثانية إلى نسطور كوثيقة إيمان، بالإضافة إلى صيغة إعادة الوحدة نفسها. ولعل الأنطاكيين فى اعترافهم بالرسالة الثانية قد فسّروا عبارة "اتحاد أقنومى" hypostatic union الموجودة فى الرسالة كمرادف لعبارة "اتحاد بروسوبونى" أى "اتحاد أشخاص"prosopic union، بالرغم من أن كيرلس رفض هذه العبارة فى رسالته. وفى سعيهم لتطوير لاهوتهم كان من المستشعر أنهم لابد وأن يعترفوا ويعلنوا أن ديودور أسقف طرسوسTarsus، وثيئودور أسقف موبسويستيا  Mopsuestia هم أساتذتهم اللاهوتيين. ونُشرت أعمالهما، بل وكتَبَ ثيئودوريت نفسه دفاعاً عنهما، وما أن تم هذا حتى فنّده البابا كيرلس ودحضه. وقد أجلس الأنطاكيون (المتطرفون) أيضاً رجالاً من مؤيديهم فى كراسى أسقفيات هامة، وكان إيباس واحد من هؤلاء وقد أُجلس على كرسى الرها فى سنة 435م. وقدم الجانب الأنطاكى أيضاً تبريرات لأعماله هذه، فقد قالوا على سبيل المثال، إنهم لم يستطيعوا فهم الجمل السكندرية التالية: اتحاد أقنومى، أقنوم واحد، طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة. بل رأوا فيها معنى أبولينارياً، وقالوا إنهم لم يقبلوا حرومات كيرلس[3].


[1] Ibid. p. 12
[2] Ibid. p.194
[3] Ibid., P.11-13
reaction:
خادم أم النور
خادم أم النور
rabony333@gmail.com

تعليقات