علامات المجيء الثانى للرب لنيافة الأنبا بيشوى هناك من يتساءلون هل هناك علامات معينة للمجيء الثانى للسيد المسيح له المجد؟ وإن وجدت هذه العلامات فهل تكون وسيلة لتحديد موعد المجيء الثانى؟ لقد أعطى السيد المسيح علامات وقال: "فمن شجرة التين تعلّموا المثل متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب" (مت24: 32) فلا يوجد مانع أن يكون لدينا علامات لكن هذه العلامات لا تحدد موعد المجيء الثانى، وإلا سيتعارض هذا مع كلام الرب عندما قال: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" (أع1: 7) إن هذه العلامات لها فائدة ثانية إلى جوار معرِفة موعد المجيء الثانى بالتقريب (وحينما نقول بالتقريب هنا فإننا لا نقصد الساعة أو اليوم أو الشهر أو السنة طبعاً). الفائدة الثانية هى أنه طالما هذه العلامات لم تحدث بعد فإننا نستطيع أن نرد على الذين يدّعون أن المجيء الثانى سوف يحدث الآن بسؤالهم: أين هى العلامات؟!! إذاً العلامات ليست فقط لكى نعرف أن مجيئه قد اقترب، لكن أيضاً لكى نقدر أن نرد على الذين يدّعون سرعة مجيء الرب. لذلك لابد أن نفهم العلامات جيداً. ترتيب العلامات ولا يكفى مجرد معرفة ما هى العلامات لكن لابد أيضاً من معرفة ترتيبها ونلاحظ من كلام السيد المسيح العلامات التالية بالترتيب الآتى: أولاً: انتشار الإنجيل فى كل العالم. ثانياً: توبة اليهود وإيمانهم بالسيد المسيح. ثالثاً: النهضة الروحية الهائلة التى تترتب على هذا الحدث، الذى هو توبة اليهود وإيمانهم بالسيد المسيح. رابعاً: ظهور الوحش والوحش ليس حيوان لكنه إنسان سوف يدّعى إنه هو المسيح. خامساً: الإرتداد العام الذى سيترتب على ظهور الوحش. وهو إرتداد غير ما نراه فى أيامنا هذه، وسيكون مصحوباً باضطهاد عنيف جداً على المسيحيين. سادساً: عودة أخنوخ وإيليا اللذين صعدا إلى السماء أحياء؛ سيرجعان إلى الأرض مرة أخرى ويستشهدا. سابعاً: الضيق العظيم الذى سيسبق مجيء الرب. ويلى ذلك أحداث المجيء نفسها، فالمجيء الثانى هو الحدث الثامن فى الترتيب. هناك سبعة علامات للمجئ الثانى ثم أحداث المجئ الثانى نفسها. شرح علامات المجئ الاثنى كما وردت فى الكتاب المقدس أولاً: انتشار الإنجيل فى كل العالم قال السيد المسيح: "ويكرز ببشارة الملكوت هذه فى كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتى المنتهى" (مت24: 14). وهو هنا ربط بين البشارة بالإنجيل لجميع الأمم وبين نهاية العالم. لو فحصنا هذه العلامة سوف نجد أن الإنجيل قد انتشر فعلاً فى العالم كله وطُبع فى مئات اللغات، ومن السهل جداً على أى شعب من شعوب الأرض حالياً معرفة محتوى الإنجيل سواء عن طريق أناجيل طُبعت بلغاتهم الخاصة أو عن طريق ترجمات من الممكن أن يقوم بها بعض المفسرين. وكما نعرف فإنه حتى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية حالياً لها كنائس فى كل قارات العالم تقريباً. فلها كنائس فى أوربا، وكنائس فى أمريكا الشمالية، وفى أمريكا الجنوبية، وفى أفريقيا، وفى أسيا مثل دول الخليج، ولنا كنائس فى أستراليا. وبدأت خدمة فى اليابان بتوجيهات صاحب القداسة البابا شنوده الثالث. وأيضاً إلى جوار أستراليا توجد نيوزلاندا التى تعتبر أرض جديدة ولنا فيها كنيسة فى بلد اسمها Christ Church "كنيسة المسيح" وهى تتبع إيبارشية ملبورن. ولنا كنائس شقيقة مثل الكنيسة السريانية وهى كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية الموجودة فى أسيا: فى سوريا ولبنان وبلاد المشرق حتى الهند. فبنظرة سريعة نرى الكلام الذى قيل عن بشارة الرسل "إلى كل الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصى المسكونة أقوالهم" (رو10: 18) وذكرها بولس الرسول نقلاً أو اقتباساً من سفر المزامير (مز18: 4) ففى تصورى إن فكرة انتشار الإنجيل أو البشارة بالإنجيل فى العالم كله من الممكن أن نعتبرها علامة شبه تمت. وهذا يعطينا انطباعاً لما قاله السيد المسيح: "حتى تكمل أزمنة الأمم" (لو21: 24) الأمم أى الشعوب التى ليست من أصل يهودى. نستطيع القول بأننا قاب قوسين أو أدنى من عبارة "تكمل أزمنة الأمم". لكن ليس هناك تحديدات إنما مجرد ملاحظة أن الإنجيل قد انتشر فى العالم كله. ثانياً: توبة اليهود وإيمانهم وهناك ارتباط بين الأمرين.. فقد قال معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل رومية: "فإنى لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا هذا السر لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء، أن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤُ الأمم" (رو11: 25). بمعنى أن الذى لا يحاول فهم هذه النقطة، ويظن نفسه فاهماً وحكيماً، فهو فى الحقيقة غير فاهم. إذاً هذه مسألة تستدعى الإنتباه.. بمعنى أننا يجب أن نتفهّم هذا القول "أن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤُ الأمم. وهكذا سيخلُصُ جميع إسرائيل" (رو11: 25، 26). عبارة "سيخلص جميع إسرائيل" تبطل تطبيق هذه العلامة على إيمان عشرون أو ثلاثون فرداً من اليهود بالمسيحية فى بلد ما، أو جماعة كبيرة من اليهود فى الولايات المتحدة الأمريكية عملوا فى فلوريدا نموذج لهيكل سليمان ليُوَضِحوا الارتباط بين الرموز الموجودة فى الهيكل وبين الديانة المسيحية.. هذه كلها مجرد محاولات للاقتراب من المسيحية من جانب بعض اليهود. ثم، أولاً: هل هؤلاء صاروا مسيحيين أرثوذوكسيين؟ ثانياً: ما هو عددهم؟ لأن الكتاب يقول "هكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رو11: 26)، فالنص الكتابى لا يحتمل المزايدات. إن توبة اليهود وإيمانهم هو عبارة عن تحول جِذرى فى مصير الأمة اليهودية كلها. فإذا استثنينا أفراد قلائل لن يقبلوا الإيمان فى ذلك الحين ولا يعبرون عن المجتمع العام لليهود سواء كانوا موجودين فى أرض إسرائيل أو خارجها هذا لا يؤثر فى المعنى. لكن الهدف إن اليهود سوف يؤمنون بصفة شاملة، حتى غير الموجودين فى إسرائيل.. لابد أن يكون الرجوع شاملاً.. رجوع إلى الله وتوبة. هذا الكلام لا يوجد فقط فى الكتاب المقدس بعهده الجديد لكنه موجود فى القديم أيضاً. فقد قال هوشع النبى فى العهد القديم: "لأن بنى إسرائيل سيقعدون أياماً كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة... بعد ذلك يعود بنى إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده فى آخر الأيام" (هو3: 4، 5). والمعروف أن هوشع النبى قد أتى بعد داود النبى بمدة كبيرة أى بمئات السنين، فعندما يقول: "ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم" يكون المقصود بعبارة "داود ملكهم" هو "الرب يسوع المسيح"، وهذا يعنى إيمانهم بالمسيح لأنهم كيف يطلبون داود وهو قد دُفن وقبره موجود إلى هذا اليوم كما قال بطرس الرسول (انظر أع2: 29) وقوله: " يعود بنى إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده فى آخر الأيام " (هو3: 4-5) عبارة "آخر الأيام" تعنى المجئ الثانى، وهذه هى إحدى علامات المجيء الثانى. لازال اليهود إلى الآن يسفكون دماءً كثيرة فى حروبهم ضد الفلسطينيين، ويشردون سكان الأراضى المقدسة، ويصارعون من أجل مملكة أرضية رفضها السيد المسيح عندما قال: "مملكتى ليست من هذا العالم" (يو18: 36)، ويصارعون من أجل هيكل قديم قال عنه السيد المسيح: "لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض" (مت24: 2، مر13: 2، لو21: 6) وهذه العبارة وردت فى ثلاثة أناجيل من الأربعة. وقال لهم السيد المسيح أيضاً: "هوذا بيتكم يترك لكم خراباً" (مت23: 38، لو13: 35).. إذاً السعى إلى بناء الهيكل هو أمر يعتبر ضد التيار.. فتيار الرب هو فى أن يستغنوا عن الذبائح الحيوانية ويقبلوا ذبيحة الرب يسوع المسيح. وأن يستغنوا عن المُلك الأرضى ويقبلوا الملكوت السماوى. فطالما لازالت أحلامهم الأرضية قائمة، سيظل إيمانهم بالمسيح معطل. والعزوة والإعتزاز بالشرائع الناموسية الموسوية المختصة بالذبائح والهيكل إلخ. كل هذا يُعطّل إيمانهم بالسيد المسيح. كيف سيؤمن اليهود؟ هذه مسألة لا نقدر أن نقطع فيها برأى. ولكن علينا مسئولية وهى أن نشهد للمسيح فى كل زمان ومكان.. لقد أصبحت وسائل الاتصالات اليوم توفّر للإنسان التواصل مع أى شعب من الشعوب حتى وهو جالس فى مكانه. لذلك علينا مسئولية وهى أن تكون لنا شهادة عما ورد فى العهد القديم من نبوءات. ومن الممكن جداً أن يهتم المسيحيين بشرح المسيحية شرحاً سليماً من خلال الكتاب المقدس وأسفار العهد القديم بحيث تبرز صدق إرسالية السيد المسيح وحقيقة أن يسوع الناصرى هو فعلاً المسيا المنتظر. فهذه رسالة موضوعة علينا حتى وإن لم نوجد فى وسط اليهود فى الأراضى المقدسة، ومن الممكن أن يكون لنا القدرة على التواصل الفكرى من خلال وسائل الاتصالات. كما أنه توجد لنا كنائس وشعب فى الولايات المتحدة الأمريكية من الممكن أن يعلن المبادئ المسيحية لكى يراجع اليهود الموجودون هناك أنفسهم، وتكون لهذه قوة تأثير كبيرة جداً على اليهود فى أى مكان آخر فى العالم. عندما قال الرب: "لما كان إسرائيل غلاماً أحببته، ومن مصر دعوت ابنى" (هو11: 1) كان المقصود بها ليس فقط خروج شعب إسرائيل من أرض مصر ولكن أيضاً مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر وعودتهم مرة أخرى إلى هناك حيث صُلب السيد المسيح فى الأراضى المقدسة. فعبارة "من مصر دعوت ابنى" تعنى عندما هربت العائلة المقدسة إلى مصر. وحالياً الإيمان الحقيقى مستقر فى مصر وفى الكنائس الشقيقة. ونحن نحتاج إلى أن نحفظ هذا الإيمان إلى أن يأتى الوقت الذى يصل فيه نور الإيمان وشرارة الإيمان إلى هؤلاء الناس.. هذه مسئولية علينا.. ثالثاً: النهضة الروحية اليهود مصدر حزن وقلق للعالم كله، وقد قال عنهم بولس الرسول: "غير مرضيين لله وأضداد لجميع الناس" (1تس2: 15). ولكن الله فى مقاصده التى يعبر عنها بولس الرسول بقوله: "إن كان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات" (رو15:11). وهذا يعنى أنه لما كان اليهود قد رُفِضوا بسبب قساوتهم وصلبهم للسيد المسيح، إتجه الآباء الرسل للتبشير بالمسيحية إلى كل أمم الأرض، فإذا كان رفضهم صار مصالحة للعالم -لأن المسيحية قد انتشرت فى شعوب الأرض كلها بسبب قساوة اليهود- فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات. إذن رجوعهم سيكون سبب إزدهار شديد جداً للمسيحية. للأسف نحن نرى أن المسيحية تنهار فى الغرب بصورة رهيبة. اليهود فى حالة غضب شديد بسبب فيلم آلام المسيح الذى ظهر قريباً وفى نفس الوقت فإن المسيحيون الذين يشاهدون هذا الفيلم يتأثرون ويتبكت الكثيرون منهم على خطاياهم. هناك حركة تحدث الآن.. لست أقصد أن هذا الفيلم هو الذى سوف يتسبب فى إيمان اليهود لكن من الواضح أن هناك صراع فكرى يدور. تأثير هذا الفليم جبار على كل المستويات فاليهود فى حالة غضب شديد والمسيحيون فى حالة تأثر شديد. وهذا يعطينا نموذج لِما يمكن أن يحدث فى مرحلة مشابهة عندما ينوح اليهود على خطاياهم بدلاً من أن يبكوا عند حائط المبكى على مجدهم الزائل، يبكوا على خطية صلبهم للسيد المسيح، حينئذ يتبكت المسيحى أيضاً. اليهود فى وقت صلب السيد المسيح قالوا "دمه علينا وعلى أولادنا" (مت 27: 25)، والآن يقولون ما ذنبنا إن كان أجدادنا هم الذين صلبوه؟ لكن طالما هم إلى هذا الوقت يعتبرون أن السيد المسيح مضل ومخالف للناموس، وبالتالى فحسب شريعتهم هو مستحق للموت، إذن كل يهودى اليوم يظن فى نفسه أن السيد المسيح كان مستحقاً للصلب، لا يجب أن يقول ما ذنبى إن كان أجدادى هم الذين صلبوه؟! لأن هذا نوع من تزييف الحقيقة ونوع من التمويه. لكن على أية الأحوال اليهود أعداء من أجل الإنجيل، وأحباء من أجل الآباء كما يقول معلمنا بولس الرسول: "من جهة الإنجيل هم أعداء من أجلكم وأما من جهة الاختيار فهم أحباء من أجل الآباء" (رو11: 28). "من جهة الإنجيل أعداء" تعنى أنهم طالما ينكرون السيد المسيح فهم أعداء للإنجيل، و"من جهة الاختيار فهم أحباء من أجل الآباء" تعنى أنهم عندما يتوبون ويؤمنون بالمسيح فسيكون هذا هو تحقيق الوعد الذى قاله الرب لإبراهيم: "يتبارك فيك وفى نسلك جميع قبائل الأرض" (تك28: 14). فمن باب أولى إذا كانت كل الشعوب قد تباركت، فلماذا يحرمون هم أنفسهم من هذه البركة؟ ولكن بشرط أن يتوبوا.. ومن ضمن توبتهم أن يكفوا عن سفك الدماء والعدوان والأحلام الأرضية والتوسعية. رابعاً: ظهور الوحش الله لا يرى أحداً هذه الأيام التى سوف يظهر فيها الوحش . فالسيد المسيح يقول أنه سيكون هناك ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ بداية العالم: "لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. لو لم تقصّر تلك الأايام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصّر تلك الأيام" (مت24: 21، 22). يقول الرائى فى سفر الرؤيا ما يلى: "ثم متى تمت الألف السنة يُحَلُّ الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض" (رؤ20: 7، 8). والألف سنة هنا هى مجرد رقم رمزى قيّد خلالها السيد المسيح الشيطان بعد إتمام الفداء. والضلال المذكور فى هذه الآية هو الأهوال التى لم يرَها أحد من قبل. وفى سفر الرؤيا ورد أيضاً ما يلى: "ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذى هو إبليس والشيطان وقيَّده ألف سنة. وطرحه فى الهاوية، وأغلق عليه، وختم عليه لكى لا يضل الأمم فى ما بعد حتى تتم الألف السنة. وبعد ذلك لابد أن يُحلَّ زماناً يسيراً" (رؤ20: 1-3) وقد علّق على الزمان اليسير فى سفر الرؤيا أيضاً بقوله: "ويل لساكنى الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤ12: 12). فبعد أن حُلَ الشيطان من سجنه بعدما أظهر السيد المسيح طغيانه وظلمه بدلاً من أن يتوب إزداد شره بالأكثر. هذا يرد على من يقولون إن الشيطان سوف يتوب!!! وقد قرأت فى بعض الصحف مقالاً يقول الكاتب فيه أننا يجب أن نحب الشيطان ونطلب من أجل توبته!! هذا الكلام يتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس لأنه مُعلم مسبقاً أن الشيطان لن يتوب. فمن ناحية: ما فائدة أن نضيع جهدنا فى هذا الأمر ونطلب من أجل عدو الله وقد أعلن الله هذا؟ ومن ناحية أخرى: كيف نحب الشيطان؟!! حقاً قال السيد المسيح: "أحبوا أعداءكم" (مت5: 44) لكنه كان يقصد أعداءنا من البشر ولم يقل أبداً "أحبوا الشيطان"! بل قال الكتاب "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمساً من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين فى الإيمان" (1بط5: 8، 9) علينا أن نحترس من هذه الضلالات. الوحش : وعندما يأتى الشيطان لن يكتفى بأن يوسوس للناس بأفكار سيئة، ولكن سيختار شخصية معينة من البشر، وهذه الشخصية سوف تكون أداته. وللأسف سوف يختار إنسان عدد إسمه 666، فلذلك عبدة الشيطان حالياً يضعون رقم 666 كعلامة من علاماتهم فى عباداتهم. ما معنى أن عدد اسمه 666؟ هذا يعنى أننا عندما نجمع حروف اسمه يكون حاصل الجمع 666. إن كل حرف فى اللغات يقابله رقم، ففى اللغة العربية مثلاً ترتب الحروف على طريقة أبجد هوز حطى كلمن سعفص قرشت.. فالحرف "أ" يقابله رقم "1"، والحرف "ب" يقابله رقم "2"، وهكذا إلى الحرف "ى" الذى يقابله رقم "10"، ومن بعده مباشرة الحرف "ك" يقابله رقم "20"، وهكذا إلى الحرف "ق" يقابله الرقم "100"، ومن بعده مباشرة الحرف "ر" يقابله الرقم "200" وهكذا... فعندما تجمع الرقم المقابل لكل حرف من حروف اسم الوحش يكون الحاصل 666... لذلك يقول الكتاب: "هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون" (رؤ13: 18) ولم يرد ذكر اسم الوحش لئلا عند مجيئه يقول أنه طالما أن الكتب المقدسة ذكرت أنه الوحش يجب أن تحرق كل هذه الكتب. لذلك يقول "هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش". ومحاولة توفيق أسماء لأشخاص عاشوا فعلاً على العدد 666 هو أمر غير مقبول. الاسم سيكون واضحاً، وعندما تحسبه تجده 666، وغالباً سيكون باللغة العبرية لأنه سيدّعى أنه المسيح، فلابد أن يأتى من سبط يهوذا ومن نسل داود. ويكون غالباً اسمه عبرياً. وحروف الأبجدية العبرية تمشى بطريقة أبجد هوز حطى كلمن المعروفة وبالتالى سيكون هناك تشابه فى الرقم بين اللغة العربية والعبرية. هناك حروف تُحسب أيضا باللغة اليونانية التى كُتب به العهد الجديد من الكتاب المقدس ولكن فى حساب عدد الوحش لن يكون لليونانية الدور الفعّال لأن الوحش سيدّعى أنه المسيح، ولن يصدق أحد أن المسيح من اليونانيين أو من شعب اليونان. إلا إذا كان هناك رجلاً يهودياً يعيش فى اليونان ويعرف اللغة اليونانية وسُمّى بأسماء يونانية فهذا وضع آخر. خامساً: الارتداد العام بالطبع لن يكون ظهور الوحش بلا تأثير.. بعد توبة اليهود وإيمانهم ستكون هناك مرحلة إزدهار شديد جداً، لكن لابد أن كل الذين آمنوا يرقدون فى الرب سواء كان رقاد طبيعى أو استشهاد لأنه يقول: "هكذا سيخلُص جميع إسرائيل" (رو11: 26). لم يقل "يؤمن جميع إسرائيل" بل "يخلُص جميع إسرائيل" وكلمة "يخلُص" تعنى أن الشخص يؤمن ويرقد فى الإيمان. فأين إيمان اليهود اليوم وأين خلاصهم؟!! لذلك، عندما بدأ الرسل يقولون إنهم منتظرين سرعة مجيء الرب لكى يحفِّزوا الناس للتوبة والاستعداد، ظن أهل تسالونيكى أن المسيح سوف يأتى سريعاً فبدأوا يتوقفون عن العمل وعن بناء الكنائس إلخ. فحذرهم معلمنا بولس الرسول وبدأ يعطيهم علامة فقال لهم: "لا يأتى إن لم يأتِ الارتداد أولاً ويُستعلَن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهاً أو معبوداً حتى إنه يجلس فى هيكل الله كإله مظهراً نفسه إنه إله.. الذى مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآياتٍ وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم فى الهالكين. لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. ولأجل هذا سيُرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدِّقوا الكذب. لكى يُدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سُرُّوا بالإثم" (2تس2: 3، 4، 9-12) ربط معلمنا بولس الرسول بين ثلاثة أشياء فيما يخص مجيء السيد المسيح: أولاً: الارتداد العام واستعلان إنسان الخطية إن المسيح لن يأتى إلا بعدما يأتى الارتداد العام أولاً وأيضاً استعلان إنسان الخطية ابن الهلاك فيقول معلمنا بولس الرسول: "لا يأتى إن لم يأتِ الارتداد أولاً ويُستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك" (2تس2: 3) و"ابن الهلاك" هو الوحش الذى يجلس فى هيكل الله كإله مظهراً نفسه إنه إله. ويقول عنه الكتاب أنه "المقاوم والمرتفع على كل من يدعى إلهاً أو معبوداً حتى أنه يجلس فى هيكل الله". وهنا يتساءل البعض ما معنى عبارة "يجلس فى هيكل الله"؟ هل تعنى أن هيكل سليمان سيبنى؟ هيكل سليمان عندما دشنه سليمان بذبائح كثيرة وكان تابوت العهد موجوداً فى ذلك الحين فحينما أدخل الكهنة تابوت العهد فى قدس الأقداس ملأ مجد الرب البيت، وتم تدشين الهيكل وصار اسمه هيكل الله. خيمة الاجتماع دشنها موسى النبى ورش الدم بالزوفا فقدّس الخيمة. ولكن اليوم، من له أحقية تدشين الهيكل؟ لقد انتهى الكهنوت الهارونى وزال فلا يدعى هيكل الله فيما بعد. إذاً عبارة "يجلس فى هيكل الله" من الممكن أن تعنى أنه يجلس مثلاً فى كنيسة القيامة فى القدس. هناك توجد كنيسة اسمها "كنيسة نصف الدنيا" وهى كنيسة ضخمة جداً، وداخل قبتها الكبيرة يوجد قبر المسيح والجلجثة وتفاصيل كثيرة أخرى. ومن الممكن أيضاً أن تطلق تسمية "هيكل الله" على كنائس من أيام الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين، تم بنائها فى ذلك الزمان ودشّنها الآباء البطاركة القديسين قبل عصر الإنشقاق. لكن لا يمكن أن يبنى أى شخص معاصر اليوم هيكل ويقول عنه بولس الرسول أن هذا هو هيكل الله الكتاب يقول عن جماعة المؤمنين: "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو3: 16) وقال أيضاً: "مبنيين كحجارة حية" (1بط2: 5)، "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف2: 20) فنحن لا نستطيع أن نقبل أن عبارة "هيكل الله" فى الكتاب المقدس فى العهد الجديد تطلق على مبنى يبنيه إنسان غير مؤمن بالمسيح. هذا الوحش سيحاول الإستيلاء على الهياكل والمقدسات. وسيُعلِن نفسه أنه المسيح الحقيقى وأن المسيح السابق ليس هو المسيح. ثانياً: المعجزات الخارقة التى يعملها الوحش وتؤدى إلى الارتداد العام هذا الإرتداد سيأتى نتيجة المعجزات الخارقة التى سيعملها الوحش "الذى مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم فى الهالكين" (2تس2: 9، 10) "الذى مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم فى الهالكين" (2تس2: 9، 10) لذلك نحذر شعبنا من الجرى وراء أى شئ يسمعه ويقول أنها معجزة.. لا يجب أن نجرى وراء أى معجزة ونصدقها. بل يجب أن يكون هناك شئ من التأنى والفحص. ويفضّل أن الكنيسة نفسها هى التى تقيّم المعجزات، وتصدر بشأنها قرارات كما حدث فى ظهور السيدة العذراء فى كنيستها بالزيتون وفى كنيستها ببابا دوبلو. وأيضا عندما ظهرت الأنوار السمائية فى كنيسة مارمرقس فى أسيوط قريباً.. هذه الأمور شهدت لها الكنيسة بصفة رسمية وصدّقت عليها. نحن لا نحب أن نجرى وراء أى مظهر من المظاهر الخارقة لأن للشيطان أيضاً قدرة على الأعمال الخارقة للطبيعة. ففى أيام أيوب أنزل نارًا من السماء وحرق كل حقوله وقتل كل الماشية وهدم البيت وقتل كل أولاده.. فللشيطان قوة خارقة.. هو حالياً مقيد لكن عندما يُحل ستكون هذه أصعب الأيام.. لذلك قال بولس الرسول عن الوحش: "الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" (2تس2: 8) ثالثاً: ظهور الرب أو مجيئ المسيح وإبادته للوحش وللوضع السيئ من الذى سيوقف هذا الوحش عند حدّه ويرميه فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت مع إبليس وكل جنده، إلاّ مجيء الرب "الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" (2تس2: 8). إذاً من علامات نهاية العالم ظهور الوحش والارتداد العام، ومعجزات الوحش التى تؤدى إلى الإرتداد العام. وبعد ذلك مجيء الرب وإبادته لهذا الوضع السيئ. يقول الكتاب: "يصنع آيات عظيمة حتى إنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التى أعطى أن يصنعها" (رؤ13: 13، 14). هل هناك أكثر من ذلك أنه سوف يجعل نارًا تنزل من السماء على الأرض أمام الناس؟!! لذلك نقول للناس الذين يدّعون أن اليهود سوف يؤمنون عندما يتم بناء الهيكل ولا تنزل ناراً من السماء نقول لهم أن الشيطان يقدر أن يُنزل ناراً من السماء. لذلك قد سبق السيد المسيح وحذّر قائلاً: "إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" (مت24: 23) والوحش طبعاً يعمل ضد الثالوث لذلك رقمه 666. ورقم 666 هو 7-1 ، 7-1 ، 7-1 لأن رقم ستة هو سبعة ناقص واحد، أو مطروح منها واحد. وقد أكمل الله الخليقة فى سبعة أيام بما فيها الراحة فحينما نطرح من السبعة واحد تصير ستة. لذلك صلب المسيح فى اليوم السادس، يوم الجمعة، وقال: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53). وفى نفس هذا اليوم الذى إرتكب فيه الشيطان جريمته، صنع السيد المسيح الفداء وداس الموت بالموت، وقام فى اليوم الثامن الذى هو يوم الأحد أول أيام الأسبوع، لذلك يُرمز للسيد المسيح برقم 888. رقم 666 يرمز إلى ما هو ناقص 7-1=6 وتذكر ثلاث مرات لأن الوحش يعمل ضد الثالوث. أما 888 فهى 7+1=8 وهذا الرقم يرمز إلى الحياة الجديدة بعمل الثالوث الأقدس فى حياة البشرية. سادساً: عودة أخنوخ وإيليا إلى الأرض هناك مَثَل شعبى يقول أن القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود... هذا المثل يناسب حدث عودة أخنوخ وإيليا، لكنهما قرشين. على مدى تاريخ البشرية رفع الله شخصين من الأنبياء أحياء إلى السماء، وهما أخنوخ السابع من آدم وإيليا النبى الذى صعد بمركبة نارية وخيل نارى إلى السماء. ولكن ليس إلى السماء العليا سماء السموات فى الملكوت، بل إلى سماء معينة. لماذا حفظ الرب إيليا وأخنوخ؟ لكن لماذا "سار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك5: 24)؟ لماذا حفظه الله عنده هو وإيليا حتى الآن وهما لم ينالا سر المعمودية ولا ماتا؟! والكتاب يقول "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب9: 27) فلابد إنهما سيموتا، فلماذا هما باقيان هكذا؟ وماذا يفعلان؟ وما هى فائدتهما؟ فائدتهما أنهما من أعظم شخصيات الأنبياء، أحدهما قبل الطوفان وهو أخنوخ، والآخر بعد الطوفان وهو إيليا. والرب وعد أنه سوف يرسل إيليا النبى قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف. فالله يحفظهما عنده لكى يشهدا للمسيح الحقيقى أمام الوحش. وقد قيل ذلك فى سفر الرؤيا "سأعطى لشاهدىَّ فيتنبآن ألفاً ومئتين وستون يوماً لابسين مسوحاً" (رؤ11: 3) وألفاً ومئتين وستون يوماً أى ثلاث سنين ونصف إن كان الشهر ثلاثين يوم فقط، لكن قد تكون هذه أرقام رمزية. وهنا نتذكر أن إيليا قد صلى صلاة فلم تمطر السماء ثلاث سنين وستة أشهر "كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا وصلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر" (يع5: 17) وهى نفس المدة المذكورة فى سفر الرؤيا. وقيل عنهما أيضاً أنهما يكونان "لابسين مسوحاً" وهذا دليل الحزن، لأنه فى أيام الوحش ستكون الأوضاع سيئة للغاية. ويكمل: "هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض. وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما، وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما فهكذا لا بد أنه يقتل" (رؤ11: 4، 5). والمعروف أن إيليا النبى عندما كان الملك يرسل رئيس الجند ليستدعيه، كانت تنزل نار من السماء تأكل رئيس الجند مع جنوده الخمسين (انظر 2مل1) علامة أخرى "هذان لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطراً فى أيام نبوتهما، ولهما سلطان على المياه أن يحوّلاها إلى دم وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا" (رؤ11: 6) من الذى صلى ولم تمطر السماء ثلاث سنين وستة أشهر؟ إنه إيليا النبى... أما عبارة "لهما سلطان على المياه أن يحولاها إلى دم" فتذكرنا بقصة إيليا النبى عندما قدّم ذبيحته وأمر بأن يغرقوا الذبيحة بماءً حتى تمتلئ القناة التى حول المذبح أمام كهنة الأصنام لكى يعرف الجميع حقيقة قوة المعجزة التى سوف تحدث، وبعد ذلك صلى، فنزلت نار من السماء أكلت الذبيحة ثم لحست المياه التى حول المذبح. وكان قد اختلط دم الذبيحة بالماء، فتحولت المياه إلى دم مثلما حدث وقت الضربات العشر لموسى النبى. "وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا. ومتى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حرباً ويغلبهما ويقتلهما" (رؤ11: 6، 7) إذاً هما أحياء ولم ينتقلا كموسى النبى الذى مات ورقد ودفن. هؤلاء أحياء لأنه قال "يقتلهما". وكلمة "يغلبهما" هنا ليس معناها الغلبة الروحية، لكن بمعنى أنه سيكون معه قوة أكثر من القوة التى معهما بسماح من الله. هما يعملان بقوة الله، ولكن قوة الله تُعطىَ بدرجة معينة للأنبياء وهذه ليست قوة الله اللانهائية.. فهو سوف يعطيهم درجة معينة من القوة. وبالرغم من قوتهما الهائلة إلا أن الوحش سيغلبهما. إنها ستكون من أصعب الأيام!! تصوروا أن إيليا وأخنوخ القادمين بقوة وبتأييد من الله يغلبهما الوحش!! إيليا هذا الذى طلب أن تنزل نار من السماء لتأكل الذين أتوا للقبض عليه، والذى كان بصلاته يمنع المطر ثلاث سنين وستة أشهر، ومع كل هذه القوة يغلبه الوحش!! ولكن، قبل أن يغلبهما الوحش سيكونا قد شهدا للمسيح لذلك يقول الكتاب "سأعطى لشاهدىَ"، أى سوف يصيرا شهداء. "وتكون جثتاهما على شارع المدينة العظيمة التى تُدعى روحياً سدوم ومصر حيث صُلب ربنا أيضاً" (رؤ11: 8) و "مصر" ليست مصر فعلاً بل "تُدعى روحياً" لأن "المدينة العظيمة" حيث صلب الرب على جبل هى أورشليم القدس.. هناك سيُقتل إيليا وأخنوخ. وهذا يعرّفنا أن الوحش سيظهر بالفعل فى أورشليم. لكن شىء جميل أنهما يأتيان ويشهدان للمسيح ويكون قد تحقق المثل الذى قلناه أن القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود... نعم قُتلا.. لكنهما قاما بالدور الذى كان عليهما أن يقوما به. لأنه فى وقت الذى سوف تكون فيه الكنيسة مطحونة بالإضطهاد سوف تفاجأ بأن هذين النبيين قادمان من السماء ليقفا إلى جوار الكنيسة أمام الوحش، ويشهدا للمسيح. وباستشهادهما سترتج السموات والأرض. والسؤال الذى يرد إلى الأذهان الآن هو: متى يُعمدا؟ الإجابة: إن معموديتهم هى معمودية الشهادة أو معمودية الدم... وهذا تأكيد كتابى لقبول الكنيسة لمعمودية الدم. الأجيال تجتمع حول المسيح رغم أن النبيين قادمان من العهد القديم إلا أنهما سوف يُحسبا من شهداء العهد الجديد.. وهذه هى الروعة! ويكون عمادهما بدمهما. شىء رائع أن نرى جميع الأجيال تجتمع حول السيد المسيح. وأيضاً على جبل التجلى لما ظهر إيليا وموسى مع الرب كان السيد المسيح يمثّل المزامير، وموسى يمثّل التوراه أو الناموس، وإيليا يمثّل الأنبياء "لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (لو24: 44). فقد اجتمعت الأجيال أيضاً حول المسيح على جبل التجلى. وأيضاً على جبل أورشليم سوف تجتمع هذه الأجيال السحيقة لكى تشهد للمسيح.. الأجيال المتواجدة وقتها وجيل أخنوخ إلخ. وأخنوخ ليس شخصية عادية.. فهو من الشخصيات التى تعتبر بداية الكارزين فى تاريخ البشرية. ويقول عنه الكتاب: "حفظ نوحاً ثامناً كارزاً للبر" (2بط2: 5) فأخنوخ كان أول الكارزين. آيات أخرى بالكتاب تشير إلى النبيين: فى سفر ملاخى النبى وهو آخر أسفار العهد القديم يقول فى آخر آيتين من السفر: "هأنذا أرسل إليكم إيليا النبى قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف. فيرُدُّ قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتى وأضرب الأرض بلعن" (ملا4: 5، 6).. هاتين هما آخر آيتين فى آخر أسفار العهد القديم! وكأنه يريد أن يقول هذا آخر شئ. إيليا بين المجيء الأول والثانى هل سيأتى إيليا النبى قبل مجيء السيد المسيح الأول أم الثانى؟ "قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف" المقصود المجيء الثانى حرفياً والمجيء الأول رمزياً! لماذا؟ لأن التلاميذ عندما رأوا إيليا على جبل التجلى، وكانت رؤية مؤقتة لأن إيليا رجع مكانه مرة أخرى، قالوا للسيد المسيح "لماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغى أن يأتى أولاً؟" (مت17: 10، مر9: 11)، فقال لهم: "إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا" (مت17: 12)، "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" (مت17: 13). لأن الملاك المبشر بميلاد يوحنا كان قد قال لزكريا عن يوحنا "يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكى يهيىء للرب شعباً مستعداً" (لو1: 17) إذاً إيليا قد جاء رمزياً، وليس بالإستنساخ طبعاً لأن هذا مرفوض مسيحياً، ولا بعودة التجسد، أو بأى نوع من الأنواع، لأن إيليا كان حياً ولم يكن قد مات. قال الرب: إيليا قد جاء وكان يقصد يوحنا المعمدان، والملاك قال عن يوحنا أنه سيتقدم بروح إيليا وقوته، ولكنه ليس هو إيليا. سابعاً: الضيق العظيم الضيق العظيم قال عنه السيد المسيح: "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (مت24: 21) وأكمل السيد المسيح كلامه قائلاً: "ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين تقصّر تلك الأيام" (مت24: 22) نبوة عن المجيئين: يوم الرب العظيم والمخوف ذكرت مواصفاته فى سفر يوئيل النبى وفى سفر أعمال الرسل على لسان معلمنا بطرس فى يوم الخمسين "بل هذا ما قيل بيوئيل النبى يقول الله ويكون فى الأيام الأخيرة أنى أسكب من روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً وعلى عبيدى أيضاً وإمائى أسكب من روحى فى تلك الأيام فيتنبأون. وأعطى عجائب فى السماء من فوق وآيات على الأرض من أسفل دماً وناراً وبخار دخاناً. تتحول الشمس إلى ظلمة، والقمر إلى دم قبل أن يجىء يوم الرب العظيم الشهير ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلُص" (أع2: 15-21). وقيل فى ملاخى: "قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" (ملا4: 5). واضح الربط بين نبوة يوئيل وبين نبوة ملاخى والمجيئين. المجئ الأول هو يوم الخمسين ويوم الصلب والفداء. والمجئ الثانى الذى سيحدث فيه أن الشمس تحترق والقمر.. والعناصر.. إلخ. هذه ليست من علامات المجئ بل من الأحداث التى سوف تصاحب المجئ نفسه. لكن كيف نطبق "دماً وناراً وبخار دخاناً" (أع2: 19) على المجئ الأول؟ حدث فى يوم صلب المسيح أن الشمس أظلمت فى وضح النهار، وكان هناك دم المسيح المسفوك، ونقول {هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة..}. فبخار الدخان هو النار التى أصعدت الذبيحة فى يوم الفداء وهى نفس النار التى ظهرت فى يوم الخمسين، لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح فى رسالته إلى أهل العبرانيين "الذى بروح أزلى قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14) فهو قدّم نفسه بالروح القدس.. الروح القدس الذى حلّ على هيئة ألسنة منقسمة من نار هو نفسه أصعد ذبيحة الابن الوحيد فوق الجلجثة فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء. "الدم والنار وبخار دخان" موجودة فى يوم الفداء فى المجيء الأول، وموجودة فى يوم الخمسين كحدث متصل بيوم الفداء، وموجودة فى المجيء الثانى فى نهاية العالم.. واضح هنا من نبوة يوئيل ونبوة ملاخى عن يوم الرب العظيم والمخوف إنه يشير إلى المجيء الأول والفداء وحلول الروح القدس يوم الخمسين، ويشير أيضاً إلى المجيء الثانى حينما تحدث هذه العجائب فتتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم. وهذه هى العلامات التى تكلّم عنها السيد المسيح. ثامناً: العلامات التى ترافق المجئ الثانى "وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء" (مت24: 29، 30) وعلامة ابن الإنسان هى علامة الصليب التى سوف تظهر فى السماء لكى نستطيع أن نميّز بين المسيح الحقيقى والمسيح الغير حقيقى. "وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الانسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت24: 30). ويحيطه ألوف ألوف وربوات ربوات من الملائكة لذلك يقول: "آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات إلى أقصائها" (مت24: 30، 31) الملائكة سيجمعون هؤلاء المختارين لنختطف لملاقاة الرب فى الهواء. "تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوئه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع" هذه أمور سوف تحدث أثناء المجيء الثانى. معنى ذلك أن هذا أيضاً هو يوم الرب العظيم الشهير المخوف. وليس فقط السماوات والقوات التى فيها تتزعزع، بل حتى الأرض نفسها ستحترق. لذلك يدعونا بطرس الرسول أن نعتبر من هذا الأمر فيقول: "لا يخف عليكم هذا الشئ الواحد أيها الأحباء؛ أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتى كلص فى الليل يوم الرب الذى فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التى فيها. فبما أن هذه كلها تنحل أى أناس يجب أن تكونوا أنتم فى سيرة مقدسة وتقوى. منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذى به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر" (2بط3: 8-13) واضح من كلام معلمنا بطرس الرسول أنه لا يُفيدنا حساب الأيام والسنين لمعرفة ميعاد مجيء الرب لأن "ألف سنة عند الرب كيوم واحد"، لكن يقول "منتظرين وطالبين سرعة مجيئ يوم الرب". ومع ذلك يقول "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة". فكون الله يتأنى ويطيل أناته هذا لا يعنى أنه يتباطأ. ولكن هذا لا يمنع أن نكون مشتاقين إلى سرعة مجيء يوم الرب ومشتاقين أن ننطلق من هذا العالم مثلما قال بولس الرسول "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جداً" (فى1: 23) من ضمن إعجاز الكتاب المقدس أن معلمنا بطرس يقول: "تنحل العناصر محترقة". فى أيام بطرس الرسول من كان يصدق أن الحديد من الممكن أن يحترق؟ فى عصر الذرة نعرف أن النيوترونات تصطدم بنواة الذرة وتدمّرها وتحوّل المادة إلى طاقة. بمعنى أن العناصر نفسها تحترق وهذا ما حدث عند انفجار القنبلة الذرية فى هيروشيما. من الناحية العلمية لم يكن هذا الكلام معقولاً فى أيام معلمنا بطرس لكنه كتبه لأن الروح القدس هو المتكلم. كيف تحترق الأرض؟! من يصدق أن الرمل يحترق، بل ويحترق بضجيج!! "تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة".. من المعروف أنه يحدث ضجيج فى الإنفجار النووى. ولكن إذا حرقت حديد مثلاً وأذبته لا يحدث ضجيج؛ بل يحدث إحمرار فقط. لكن متى يحدث ضجيج؟ الضجيج يحدث مع الإنفجار النووى، هيدروجينى أو ذرى.. كان بطرس الرسول صياد سمك بسيط ولكنه حينما تكلم عن نهاية العالم تكلم بالروح القدس. وعلى الرغم ذلك، كان بطرس واحداً من الذين سألوا السيد المسيح عن نهاية العالم فقال لهم: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" (أع1: 7) نصيحة ختامية: ياليتنا نتضع ونقول إذا كان الآباء الرسل أنفسهم لم يعرفوا متى سوف ينتهى العالم، فمن يستطيع أن يدّعى أنه فاق الآباء الرسل القديسين كاتبى أسفار العهد الجديد، فاقهم فى معرفة الأزمنة والأوقات ويستطيع أن يحدد كما فعل وليم ميلر وتشارلز راصل مؤسسا بدعتى الأدفنتست وشهود يهوه. ياليتنا نستعد لمجيء الرب بروح الإنسحاق والإتضاع لأن هذا أنفع لأنفسنا من أن نحاول معرفة الأزمنة. فليعطنا الرب حياة التوبة والاستعداد بصلوات صاحب القداسة البابا شنوده الثالث أدامه الرب على كرسيه ونفعنا ببركة صلواته. ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين |
تعليقات
إرسال تعليق