حدثت بعض تعديلات محدودة فى قانون الإيمان ما بين قانون نيقية وقانون القسطنطينية.
مثلاً: حذف عبارة [مولود من جوهر الآب] وكان المقصود بها أن الابن عندما وُلد من الآب، أخذ نفس الجوهر الذى للآب، والاكتفاء بعبارة [له نفس الجوهر مع الآب] التى تفى بالمعنى المقصود إلى جوار عبارة [المولود من الآب قبل كل الدهور].
من الممكن فهم عبارة أن الابن "مولود من جوهر الآب"، الأولى خطأ وهى أن الثالوث ولد الابن، بالرغم من أن العبارة تقول "مولود من جوهر الآب" وليس من الثالوث. فيتساءل البعض : هل الجوهر هو الذى يلد أَم الأقنوم؟
أما الثانية فهى صواب وتعنى أنه عندما وُلد الابن من الآب أخذ الجوهر كله الذى للآب، أى أن الابن من نفس جوهر الآب. كما نقول عن أى ابن يشابه أباه أنه من نفس معدنه أى من نفس جوهره، ومن المفهوم أن الأب هو الذى يلد وليس المعدن. أما فى المفهوم الثالوثى فالولادة هى نور من نور، مثل ولادة الشعاع من النور، وولادة الفكر من العقل، فالآب هو الذى يلِد وليس الجوهر، وهذه الولادة هى ولادة روحية طبيعية.
الآب يلِد ابن يحمل كل جوهره، فالجوهر غير منقسم وغير متجزئ. وحينما وُلد الابن من الآب وُلد بكل جوهر الآب وليس بجزء من هذا الجوهر.
لذلك تم تعديل القانون بالاكتفاء بعبارة Homoousion tou Patri له نفس الجوهر مع الآب (هوموأوسيون تو باترىomoousion tou Patri). وهذه العبارة أحياناً تترجم "مساوى للآب فى الجوهر" أو "واحد مع الآب فى الجوهر"، وهى فى الحقيقة تعنى لاهوتياً "مساوى للآب فى الجوهر الواحد".
وقد قدَّم مجموعة من اللاهوتيين فى مجلس كنائس الشرق الأوسط اقتراحاً بتوحيد نص قانون الإيمان. وكان هؤلاء اللاهوتيين قد قاموا بدراسة الأمر لعدة سنوات ومنهم خبراء فى اللغة اليونانية وخبراء فى اللغة العربية وهم من ممثلى الأربعة طوائف المشتركون فى مجلس كنائس الشرق الأوسط، (وكنت عضواً بهذه الاجتماعات). وبعد مباحثات كثيرة جداً اتفق رأى اللاهوتيين على ترجمة موحّدة باللغة العربية لقانون الإيمان (النص اليونانى واحد). كانت هذه محاولة على مستوى منطقة الشرق الأوسط أى البلاد المتكلمة باللغة العربية للوصول إلى ترجمة موحدة، وقد تم التوصل فعلاً إلى ذلك وتم إرسال هذه الترجمة إلى الكنائس كاقتراح تتبناه الكنائس. وصار هذا النص يستخدم فى اجتماعات مجلس كنائس الشرق الأوسط.
لكن بعض الكنائس بالرغم من أنها ترى أن الترجمة جميلة وتستخدمها بالفعل فى لقاءات المجلس، إلا أنها ترى أن الشعب اعتاد على بعض الأمور وتربى عليها وحفظها فليس من السهل تغييرها، لذلك نحتاج إلى وقت لكى يتأقلم عامة الشعب على هذه الترجمة "له نفس الجوهر مع الآب" ونستطيع أن نقولها.
كما أن هذا الأمر يتطلب موافقة المجمع المقدس لأن قانون الإيمان ليس شئ عادى حتى أن كل من يستحسن ترجمة معينة له يطبقها. كما حدث فى بعض الأوقات أن البعض أوصوا باستخدام عبارة "واحد مع الآب فى الجوهر" وظل البعض الآخر يرددون "مساوى للآب فى الجوهر".
إن ما عمله مجلس كنائس الشرق الأوسط هو عمل أكاديمى يناسب كليات اللاهوت لذلك فإننا نشرح هذا الأمر فى دراستنا اللاهوتية، لكن على المستوى الشعبى الأمر يحتاج إلى تدرج.
إن عبارة "له نفس الجوهر مع الآب" تعنى "واحد" و"مساوى" فى نفس الوقت بل أن هذه هى الحقيقة. فمن الناحية اللغوية omopathr (هومو باتير) تعنى من هم من أب واحد omopoliV (هومو بوليس) تعنى من هم من مدينة واحدة. فأى مجموعة من الناس ينتمون إلى شئ واحد تستخدم لهم كلمة o`mo . أما بخصوص عبارة omoousion (هومو أوسيون) فقد شرح القديس أثناسيوس فى وثيقة الإيمان (Expositio Fidei)[1]: إنه لم يرد أن يكتب mono ousion (مونو أوسيون) التى تعنى "جوهر واحد" لئلا يفرح بها السابليون الذين يؤمنون بالأقنوم الواحد ويستخدمونها لصالحهم، لذلك استحسن عبارة omoousion أى "الذى له نفس الجوهر مع الآب". فمع أن القديس أثناسيوس قال كثيراً فى شروحاته ويؤمن أن الجوهر الإلهى واحد إلا أنه أوضح لماذا لم يستحسن استخدام عبارة مونو أوسيون فى نص قانون الإيمان.
[1] N & P. N. Fathers, series 2, Vol. IV, St Athanasius, Eerdmans Pub. Com., Grand Rapids, Michigan, reprinted 1978, Expositio Fidei, p. 84.
تعليقات
إرسال تعليق