في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة، يأكلان الخبز الجاف ويلبسان ما يستر جسديهما الضعيفين، ويفترشان بعض الخرق القديمة
ومع أن ظروف الحياة كانت صعبة وطاحنة ، إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتمتع بنعمة الرضا، وتمتلك القناعة، التي هي كنز لا يفنى
لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط المطر في فصل الشتاء، فالغرفة تتكون من جدران أربعة وباب خشبي، غير أنها ليست مسقوفة بغطاء يحجب الأمطار، وكان قد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته ولم تتعرض المدينة إلا لرخات مطر قليلة وضعيفة. أما هذه السنة فكانت تنبئ بمطر غزير
وحين تجمعت الغيوم في الصباح، وامتلأت أجواء المدينة بالسحابات الرمادية الكثيفة، أدركت الأم أنها ستواجه مع وليدها الصغير ليلة لم يشهداها من قبل
ومع ساعات الليل الأولى جاءت اللحظة المرتقبة، ونزل المطر الشديد يجتاح المدينة كلها، فاندس الناس في بيوتهم، أما الأرملة وطفلها فلهم الله
ونظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة واندس في أحضانها، لكن جسد الأم وثيابها كانوا غارقين في البلل... وأسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته، ووضعته مائلا على احد الجدران، وخبأت طفلها وراء الباب لتحجب عنه سيول المطر
ونظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة وقد علت وجهه ابتسامة الرضا فقال للأم : ماذا يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب - حين يسقط عليهم المطر ؟ ! لقد أحس الطفل أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء، ففي بيتهم باب
ما أجمل الرضا ، إنه وقاية حقيقية من المرارة والتمرد والحقد والطمع، ومصدر للسعادة وهدوء البال
تعليقات
إرسال تعليق