* أول وأهم صفة للشيطان أنه شرير, يحب الشر ويعمل على نشره بكافة أنواع الطرق. ويكره الخير والخيرين ويقاتلهم. وهوايته هى إسقاط الآخرين. وهو فى قتاله للبشر, لا يهدأ مطلقاً ولا يملّ ولا يستريح. هو مشغول بالجولان فى الأرض والتمشى فيها, يبحث عن فريسة لكى ينقص عليها.
والعجيب أنه قوى فى عمله. استطاع فى الأجيال القديمة أن يلقى غالبية العالم فى الوثنية, وفى تعدد الألهة, وفى إغرائهم بألوان من الخطية والدنس. بل إنه صرع اشخاصاً كثيرين وسيطر عليهم. ولكن ليس معنى هذا أن نخافه, بل نحترس منه, طالبين معونة الله للتغلب عليه والنجاة من حيله...
***
والشيطان خبير بالحروب, وخبير بالنفس البشرية
إنه يحارب الإنسان منذ أكثر من سبعة آلاف سنة, منذ أبوينا الأولين آدم وحواء. فأصبحت له خبرة طويلة فى حربه مع البشرية. وقد صادف فى قتاله أنواعاً شتى من نفوس البشر. فصار أقدر مخلوق على فهم النفس البشرية وطريقة محاربتها, إذ قد درسها جيدأ واختبرها, وعرف نواحى القوة والضعف فيها, ومتى تقاومه ومتى تستسلم له. وتحرّس فى أسلوب محاربتها...
فهو إذن عالم نفسانى, وعلم النفس عنده ليس مجرد نظريات, إنما هو خبرات على المستوى العملى, وبنطاق واسع جداً, شمل البشرية كلها. لذلك فهو يعرف متى يحارب وكيف يحارب؟ ومتى ينتظر؟ ومن أى الأبواب يدخل إلى الفكر أو إلى القلب؟
* وهو فى كل ذلك ذكى وصاحب حيله, ويتميز بالخبث والمكر والدهاء.
ومن مظاهر ذكائه أنه قد يغيّر خططه وأساليبه لتوافق الظروف المتاحة له...
***
* ومن صفاته الكذب والخداع والأضاليل, ليصل بذلك إلى غرضه
لذلك لا يصح أن نصدق الشيطان فى كل ما يقوله وما يقدمه من إغراءات...
* يمكن للشيطان أن يستخدم الكذب والخداع فيما يقدمه من رؤى وأحلام كاذبة. وما أكثر الأحلام الكاذبة التى يضل بها الناس, أو يظهر لهم فى هيئة ملاك أو أحد القديسين, ويرشدهم بطريقة مضللة!
* وكذب الشيطان يظهر أيضاً فى ما يضعه على أفواه السحرة والعرافين وأمثالهم. وما يقوله على أفواه المنجمين ومدعى معرفة الغيب مثل المشتغلين بقراءة الكف, أو ضرب الرمل, أو قراءة فنجان القهوة أو معرفة البخت والطالع بأنواع وطرق شتى. ولما كان من الثابت دينياً أنه لا يعرف الغيب سوى الله وحده, لذلك كل من يضع الوصول إلى معرفة الغيب لا يكون صادقاً فى إدعائه.
* ويظهر كذب الشيطان كذلك فى استشارة الموتى أو تحضير الأرواح.
فقد ينطق فى أمثال تلك الجلسات, مدعياً أنه روح فلان من الناس. ويقول للحاضرين بعض معلومات تخدعهم مما يعرفه عن أخبار ذلك الشخص أو اسرته. فإذا صدقوه يبدأ بالتدريج بقول ما يضللهم...
* وإغراءات الشيطان كلها ألوان من الكذب. حيث يصور للإنسان سعادة تأتيه من وراء الخطية, سواء فى لذة أو سلطة أو مكسب أو جاه أو مجد... ثم يجد الإنسان أن كل ذلك سراب زائل وأشياء فانية. وهذا أسلوب الشيطان باستمرار: أنه يزخرف طريق الخطيئة, ويضفى عليه أوصافاً من الجمال تغرى من يقع فى حبائله.
* وأيضاً أحلام اليقظة التى يقدمها لضحاياها, كلها أكاذيب:
ولكنه يقدمها لهم كنوع من المتعة بالخيال, تخدرهم عن العمل الإيجابى النافع, فيعيشون فترة فى وهم هذه الأحلام, يبنون قصوراً من رمال, ومتعة وأفراحاً من الخيال. ثم يستيقظون لأنفسهم فلا يجدون شيئاً. ويكون الشيطان قد أضاع وقتهم, وعطلهم عن العمل المجدى, وأراحهم راحة كاذبة!
* ومن أكاذيب الشيطان أن يوهم المنتحر بأن الموت سيريحه من متاعبه! ويظل يركز على هذه النقطة: إنه لا فائدة له من هذه الحياة, ولا حلّ لمشاكله إلا بالموت, حيث يتخلص من كل تعبه ويستريح. وإذ ينخدع المنتحر بهذ الفكر ويقتل نفسه, لا يجد تلك الراحة الموهومة. بل يجد نفسه فى الجحيم, فى تعب لا نجاة منه, ولا تقاس به كل متاعب الدنيا. ويكتشف أن الموت ليس هو نهاية لحياته المتعبة, بل بداية لحياة أخرى اكثر تعباً وألماً...
* وتقريباً غالبية الخطايا, يضع الشيطان وراءها أكذوبة من أكاذيبه: فهو يوحى للسارق بأن سرقته سوف لا تُكتشف. ويوحى ذلك أيضاً لكلٍ من المرتشى والمهرّب والغشاش. وهو فى ذلك يكذب, لأنه حتى إن كان أحد لا يرى هؤلاء, فالله يرى وكل شئ مكشوف أمامه. وكذلك فإن الشيطان يوحى للقاتل أن من ينوى قتله يستحق القتل, أو أنه بقتله يغسل العار الذى يلوث شرفه, أو أن قتله يريح نفس قريب له.
* ولعل أخطر أكذوبة قدمها الشيطان لبعض البشر, هى الألحاد. كما أنه كذب على الوجوديين حين صوّر لهم أن وجود الله يعطل وجودهم. وكذب على بعض الشيوعيين زاعماً أن الله يعيش فى برج عال لا يهتم بالمجتمع الإنسانى, تاركاً الظالم يظلم, والغنى يستعبد الفقير!
***
* من صفات الشيطان أيضاً أنه لحوح لا يملّ من الإلحاح...
وربما يعرض الفكر الواحد مراتٍ ومرات. ومهما قوبل بالرفض, يستمر فى عرضه. فربما بكثرة الضغط والإلحاح, يستسلم الإنسان له ويخضع.. وهو لا يخجل أبداً من الفشل, بل يعود ويستمر...
والشيطان فى إلحاحه على الناس، لا يعترف بالعقبات، ولا تهمه درجة الإنسان الروحى الذى يهاجمه, ولا مركزه. إنما يضرب ضربته, وليحدث بعد ذلك ما يحدث. إنه يلقى سمومه فى كل حين على كل أحد. وربما الذى لا يهلك بها اليوم, يهلك غداً, أو بعد سنة أو أكثر...
فالشيطان مثابر نشيط لحوح, دائب على العمل, لا يثنيه الفشل عن الإستمرار, ولا ييأس من علو قدر الناس. هو ماضٍ فى خطته. والذى لا يستطيع أن يدنس جسده, فعلى الأقل يدنس فكره!
***
* ولما كانت باقى صفات الشيطان وكل حيله, أوسع من هذا المقال, فإلى اللقاء فى مقال آخر إن أحبت نعمة الرب وعشنا
تعليقات
إرسال تعليق