المعمودية هي أولى الأسرار السبعة أو هي المدخل إلى الأسرار السبعة وبدونها لا يتم أي سر ولعلها من أجل هذا أخذت إسم المعمودية لأنها عماد الأسرار. والأسرار تعتمد عليها أولاً. أما في اليونانية واللاتينية فإسمها بابتيزما ومعناها تغطيس أو صبغة وأخذت منها الإنجليزية والفرنسية.
والمعمودية هي موت مع
المسيح وقيامة معه. المسيح مات عنا لأجل خطايانا ونحن ينبغي أن نشترك معه في موته
لكي ننال بركة هذا الموت في حياتنا. وهكذا يقول الرسول بولس "أم تجهلون أننا
كل من إعتمد ليسوع المسيح إعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت.. لأنه إن كنا
قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير متحدين معه بقيامته (رو3:6-5) وعملية الدفن
تستلزم التغطيس في الماء. فندخل داخل الماء كما دخل المسيح في القبر ونغطس 3 مرّات
كما أقام المسيح في القبر 3 أيام وأيضاً على إسم الثالوث القدوس. كذلك معنى
المعمودية أنها صبغة تستلزم التغطيس لأننا لا نصبغ ثوباً إلاّ إذا غطسناه في سائل
الصبغة.
والمعتمد في نزوله
إلى جرن المعمودية في الماء يرمز إلى موته مع المسيح ودفنه معه وفي خروجه من الماء
يرمز لقيامته مع المسيح. والمسيح أسس سر المعمودية حين إعتمد من يوحنا المعمدان
وهو غير محتاج، لكن كما قال القديسين أن المسيح لم يكن محتاجاً للمعمودية، لكن
المعمودية كانت محتاجة للمسيح. وبمعمودية المسيح أكمل كل بر. نزول المسيح للماء
كان إعلاناً أنه يقبل الموت وخروجه من الماء كان إشارة لقيامته، حتى أن كل من
سيعتمد في المستقبل يشركه الروح القدس بطريقة سرية في موت المسيح وقيامته، وبهذا
يكمل كل بر، إذ أنه في خلقة آدم كان لا حل إذا أخطأ سوى الموت، ولكن صار
بالمعمودية حل لهذه المعضلة، فبالمعمودية يخرج الإنسان باراً بلا خطية (= يكمل كل
بر). فعندما يموت الإنسان مع المسيح تسقط خطاياه وتغفر وعندما يقوم الإنسان متحداً
بالمسيح الإبن يكتسب صفة البنوة لله.
وفي موت الإنسان في المعمودية يموت إنسانه العتيق القديم وفي خروجه من
مياه المعمودية يخرج إنسان جديد على شبه الله. في مياه المعمودية يغطس إبن الإنسان
الملوث بالخطية الأصلية التي لجده آدم ويقوم إبن الله الذي أخذ بالمعمودية نعمة
التبني.
ولكي ينزل الإنسان للمعمودية ينزع عنه ثيابه إشارة إلى نزع الطبيعة
العتيقة منه، وفي خروجه من المعمودية يلبس ثياباً بيضاً إشارة إلى ثوب البر الذي
لبسه بالمعمودية ويضعوا على ثيابه البيض زناراً أحمر إشارة لأن هذا البر تم بدم
المسيح (رؤ14:7). وفي موت الإنسان في المعمودية يرمز إلى قطعه من الزيتونة العتيقة
وفي خروجه من المعمودية يرمز إلى تطعيمه في الزيتونة الجديدة (رو17:11)
وعن عملية الموت والقيامة في المعمودية قال الرسول مشبهاً
المعمودية بالختان "وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا
البشرية بختان المسيح مدفونين بالمعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل
الله (كو11:2،12). وبهذا كان الختان في العهد القديم رمزاً للمعمودية في العهد
الجديد من حيث هو قطع جزء من جسد الخطية وموت هذا الجزء إشارة لموت الإنسان مع
المسيح. وبهذا يأخذ الختان معنى روحياً في الموت عن جسد الخطية.
من كل هذا يتضح أن المعمودية ليست مجرد شكل أو علامة إنما هي حياة جديدة
أخذها الإنسان بعد أن مات عن الحياة القديمة. وعملية الموت والقيامة تتم بعمل سري
بفاعلية الروح القدس في الإنسان. ولذلك نحن نستدعي الروح القدس بصلوات الكاهن لكي
يقدس مياه المعمودية فتصبح قادرة على تقديس الإنسان الذي ينزل فيها. وعملية
التقديس هذه هي عملية سرية غير منظورة تتم عن طريق العمل المنظور في المعمودية.
فالروح القدس إذاً يحل على مياه المعمودية كما كان روح الله يرف على المياه في
العهد القديم. ففي اليوم الأول كان يرف على المياه فأوجد خليقة جديدة. هكذا روح
الله على مياه المعمودية يوجد طبيعة جديدة للإنسان المعتمد.
وطالما المعمودية هي موت مع المسيح فاللص اليمين مات فعلاً مع
المسيح. والشهداء غير المعمدين في ماء المعمودية إعتمدوا بمعمودية الدم فهم ماتوا
مع المسيح بإستشهادهم.
وليس معنى الطبيعة الجديدة أننا نفقد حرية الإرادة، فالإنسان يمكنه أن
يخطئ. لكن المعمودية أعطت للإنسان طبيعة جديدة وصار للإنسان حرية الإرادة أن يختار
بينهما [راجع تفسير (رو6)]. والروح القدس الذي نحصل عليه في سر الميرون يبكت
المعمد إذا أخطأ ويعطيه معونة ويجذبه للرجوع إلى الله. فالمعمودية قوة سرية داخلية
وليست شيئاً ملموساً.
المعمودية هي أيضاً
غسل من كل الخطايا سواء الأصلية أو الفعلية أو حتى التي نسيها الإنسان أو التي
يجهلها. هي تطهير وتقديس للإنسان. يخرج الإنسان من المعمودية بلا خطية. هي الخطوة
الأولى لخلاص الإنسان. وقد شبهها بطرس الرسول بفلك نوح "الذي مثاله يخلصنا
نحن الآن أي المعمودية، لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع
المسيح (1بط20:3،21). أي أن المعمودية ليست حميماً للجسد فقط إنما هي غسل للنفس
أيضاً أسماها الكتاب "غسل الميلاد الثاني" (تي5:3) وقال أيضاً
"بغسل الماء بالكلمة" (أف26:5) ولاحظ قول حنانيا لشاول الطرسوسي (بولس
الرسول) "قم وإعتمد واغسل خطاياك" (أع16:22)
والمعمودية ولادة جديدة
من فوق، من الماء والروح كما قال السيد المسيح لنيقوديموس (يو5:3) وبغيرها لا يمكن
أن يدخل ملكوت الله (يو5:3). لذلك قال المسيح من آمن وإعتمد خلص (مر16:16). وحيث
أن الإنسان يولد من الروح القدس، والروح القدس هو الله، فبها يصير الإنسان إبناً
لله. أما البروتستانت فيرون أن البنوة لله تأتي بالإيمان والمعمودية مجرد علامة.
لكن المسيح قال "يجب أن الإنسان يولد من الماء والروح" وليس الروح فقط.
لذلك فالماء في المعمودية بعد الصلاة لا يظل ماءً ساذجاً إنما يعطيه الروح القدس
قوة خاصة. ولذلك نسمى المؤمنين أولاد معمودية ولدتهم الكنيسة في جرن المعمودية.
ولاحظ أهمية المعمودية في الكنيسة منذ بدايتها ففي اليوم الذي تأسست
الكنيسة فيه يوم الخمسين مورست المعمودية في نفس اليوم وعمد الرسل 3000نفس. ولو
كان الإيمان يكفي فما كان أسهل على الرسل أن يقولوا يكفيكم الإيمان، لكن بطرس نجده
يقول "توبوا وليعتمد كل واحد منكم .." (أع37:2-41) ونلاحظ أن المعمودية
يسبقها توبة وإعتراف كما قال بطرس. لذلك لا يصح أن نعمد أحد إذا بقي على خطيته أو
دون أن نتأكد من صحة إيمانه، فلا نلصق عضواً نجساً بجسد المسيح، ولهذا ظهر في
الكنيسة الأولى صفوف الموعوظين، وهؤلاء كانت الكنيسة تلقنهم الإيمان قبل أن
يعتمدوا، وكانوا يخرجون من الكنيسة قبل قداس المؤمنين.
أما الأطفال فلم يكن
هناك ما يعوقهم عن الإيمان بل في بساطة قلوبهم ما يسمح لهم بعدم معارضة الحقائق
الإيمانية. وكان أهلهم يلقنونهم الإيمان فيما بعد. فسجان فيلبي إعتمد هو وأهل بيته
بما فيهم الأطفال وهكذا كرنيليوس. وعماد الأطفال يتيح لهم ممارسة أسرار الكنيسة
بعد ذلك كالإفخارستيا.
وكان العماد بالتغطيس حتى في معمودية يوحنا قيل
أن المسيح صعد من الماء، وكذلك في قصة الخصي الحبشي نزل إلى النهر. وهذا يظهر خطأ
فكرة الرش. ومن الناحية الأثرية نجد أن أجران المعمودية كبيرة وعميقة والرش لا
يحتاج لمثل هذه الأجران.
والمعمودية كانت من حق الرسل فقط وبالتالي الأساقفة ثم بعد
ذلك صارت للكهنة فالسيد المسيح قال لتلاميذه فقط إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم
وعمدوهم بإسم.. .. (مت19:28) إذاً فالسيد المسيح هو الذي وضع أساس هذا السر. ولاحظ
أنه كلف الرسل أيضاً بتعليم هؤلاء الذين يعمدونهم حتى يثبتوا في الإيمان.
وكان في أيام الرسل أنهم كانوا يمارسون سر المعمودية
بالإنفصال عن سر المسحة المقدسة أي سر التثبيت (الميرون حالياً). وكان هذا السر
المقدس ينال بوضع أيدي الرسل ثم بوضع أيدي خلفاءهم من الأساقفة قبل أن يحل الميرون
ومسحته.
ووضع اليد لنوال الروح القدس للمؤمن العادي غير وضع اليد
لنوال نعمة الكهنوت بالنسبة لأشخاص معينين مختارين للخدمة. وهذا وذاك غير وضع اليد
لنوال البركة كما بارك يعقوب إبني يوسف.
+ وعبور البحر
الأحمر كان رمزاً للمعمودية (1كو1:10،2) وبعد ذلك تأهلوا لأكل المن (الطعام
الروحي).. وهذا لأن المعمودية مدخل لكل الأسرار ومن رموز المعمودية أيضاً المرحضة
في خيمة الإجتماع، ثم البحر في الهيكل.
+ أحد
التناصير في الصوم الكبير هو الذي كان يتم فيه عماد الموعوظين، ويقرأ فيه فصل
المولود أعمى، الذي إغتسل في بحيرة سلوام (أي المرسل = المسيح) وكأنها المعمودية
التي هي موت مع المسيح وقيامة مع المسيح، وهذه تعطي إستنارة، فالمعمد بسهولة يتعرف
على الحقائق الإيمانية ويستوعبها.
طقس صلاة المياه
هو طقس طويل فيه يسكب في المياه ثلاث أنواع من الزيوت
1-
الساذج 2-
الغاليلاون 3- الميرون
وذلك لتقديس المياه فلا يعود الماء ماءً ساذجاً.
طقس المعمودية
يشمل:
1) تطهير الأم: التي منعت من التناول منذ أن ولدت، فهي
ولدت طفلاً محكوماً عليه بالموت، والموت نجاسة. وتعود اليوم للتناول بعد أن تم
عماد الطفل فإنتقل من الموت إلى الحياة وإنتهت نجاسته.
2) جحد
الشيطان: ورفض كله حيله وذلك بواسطة الأشابين للأطفال
3) إعلان الإيمان: قانون الإيمان وذلك بواسطة الأشابين
للأطفال
4) التغطيس بإسم الآب والإبن والروح القدس.
5) الرشم بالميرون ونفخ نفخة الروح القدس في
المعمد.
6) يلبس المعمد ثياباً بيضاء رمزاً للبر
بالمسيح وزنار أحمر رمزاً لدم المسيح.
الإشبين= كلمة سريانية
معناها الوصي. وسيكون هو المسئول عن تلقين الإيمان للمعمد.
علة إستخدام الماء في المعمودية
1) الماء أصل كل شئ فهو
أصل الحياة. الحياة خرجت من الماء في اليوم الثالث (تك1) ولاحظ أن الحياة خرجت من
الماء إذ كان روح الله يرف على المياه. والمعمودية هي خليقة جديدة.
2) الماء ألطف العناصر
المنظورة، ويسهل النزول فيه والخروج منه، وهذه أسهل طريقة ترمز للدفن ثم القيامة.
3) هذا هو أمر السيد كما
قال لنيقوديموس "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح.." (يو5:3)
4) الماء وسيلة غسيل
وتنقية، والمعمودية غسيل وتنقية.
5) المسيح إعتمد في نهر
الأردن.
40 يوم للذكر و 80 يوم للأنثى
هذا للتذكير بأن المرأة أخطأت أولاً وهي أسقطت الرجل، فالذي
يعثر غيره عقوبته أشد (1تي14:2،15). حقاً فالبنت التي نعمدها لن تعاقب بسبب خطية
حواء، لكن هذا لتذكيرنا نحن أن من يعثر إنسان فعقوبته أشد. ومدة الأربعين يوماً
والثمانين يوماً جاءت من العهد القديم (لا12)
سر المعمودية لا يعاد
وحتى في حالة إنكار الإيمان فالمطلوب هو التوبة فقط، فالتوبة
هي معمودية ثانية.
تعليقات
إرسال تعليق