القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة

العولمة فوائدها وتأثيرها وأضرارها

العولمة هى إنفتاحنا على باقى بلاد العالم, وانفتاحها هى علينا, وكسر الحواجز الفاصلة... مع احتفاظنا على قدر الإمكان بما للشرق من مبادئ وقيم..

وطبيعى اننا لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عن العالم ونصبح كجزيرة منفردة بذاتها فى المحيط. فالعالم الآن قد صار مختلطاً وممتزجاً, بحيث أنه فى تفصيلات حياته يأخذ ويعطى.

وليس العولمة جديدة عليه, بحيث يمكن قبولها أو رفضها. فقدت بدأت فعلاً. والمهم الآن هو ما مدى الإنتشار الذى يُسمح به لها؟ وما مدى الفائدة العائدة منه أو الضرر.

* أول انتشار هو عالمية الأخبار:

فقد أصبحت أخبار كل جهات العالم متداولة, وفى معرفة كل ما يريد. وذلك عن طريق الصحف والإذاعة والتلفزيون وكثرة الفضائيات التى انتشرت وباقى وسائل الاعلام. بحيث يمكن لأى شخص أن يستخدم الأنترنت مثلاً, ويستخرج ما يشاء من المعلومات والأخبار, عن أى بلد, أو أى شخص, أو أى علم. ويعرف بذلك تفاصيل التفاصيل, بلا مانع...

ومع ما فى هذا الأمر من فائدة, إلا أن له اضراراً.

فالانترنت ينشر كل شئ, ما ينفع وما يضر, ينشر الصدق وكذلك الكذب والأخبار المبالغ فيها. وكل من يريد أن يسجل فيه منهجه وفكره. فتجد فيه الهجوم والدفاع, والهجوم المضاد. ومن يأخذ كل تسجيلات الأنترنت كقضية ثابتة, إنما يشوش أفكاره. فيحتاج الأمر إلى فحص وإلى تحقيق, ومقارنة الأخبار. وليس هذا بإمكان الكل.

* الأمر الثانى فى العولمة هو انتشار العلم بكل فروعه:

لم يعد العلم حكراً على بلد معين, أو عالم محدد بالإسم, إنما هو للكل. فعلوم الطب والصيدلة والدواء وطرق العلاج أصبحت متداولة بين باقى الشعوب, سواء عن طريق البعثات العلمية, أو ما ينشر عنها فى الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضاً على ما ينشر عنها فى الكتب أو المجلات العلمية. وينطبق هذا أيضاً على كافة العلوم من هندسة وزراعة واقتصاد وغير ذلك.

وكل هذا مفيد ونافع. وعلى كل دولة أن تنتفع بما وصلت إليه باقى الدول من حضارة ورقي وتقدم. ولا تتخلف عن الركب.

* من الأمور النافعة فى العولمة أيضاً كافة المخترعات المفيدة:

فبعد أن تخطينا زمن اختراع الطائرات ووسائل الميدياMedia, بدأ انتشار الريكوردر, والكمبيوتر, وتليفون السيارة, والتليفون المحمول, وادوات التصوير الحديثة, والفاكس, وغير ذلك من المخترعات فى مجال الهندسة, والنقل, والريّ بالرش, وأنواع من الماكينات, ووسائل البناء الحديثة. وكل ذلك لم يكن معروفاً من قبل. ونشرته العولمة, حتى اننا نجد فى أمريكا نفسها سيارات يابانية, وصناعات دقيقة من الصين ومن وكوريا.

وعن طريق العولمة بدأ أيضاً استخدام الذره, وتخصيب اليورانيوم. وهنا تبدو الخطورة فى تنافس كثير من الدول على إنتاج القنبلة الذرية, والصواريخ الموجهة البعيدة المدى, وباقى أصناف الأسلحة الفتاكة, المهلكة للشعوب والحضارات...

وإن كانت العولمة بإختراعتها, كان من نتائج ذلك تسهيل كل أنواع الأتصالات. فلعل من أضرار ذلك سوء الأستخدام سواء من جهة الأسرار أو الأخبار أو بعض أمور الأمن. وحتى الأطفال حالياً ينشغلون بالكمبيوتر والانترنت كلون من التسلية وحب الاستطلاع. ويكون لذلك ثأثيره على تحصيلهم الدراسى, بل وعلى أخلاقهم أيضاً, إذ يفتح أذهانهم على أمور تضرهم, أو ينشغلون بروايات وأفلام جنسية تثيرهم وتتعبهم. أو عن طريق هذه الأتصالات السهلة يقعون فى علاقات معينة وتتفتح أمامهم أبواب للانحراف...

ويرى جيل الأنترنت والكمبيوتر أن آبائهم على درجة من الأمية إذ ليست لهم نفس معرفتهم ومقدار معلوماتهم. وهكذا لا يوجد تواصل بين الأجيال المتتابعة.

وإن كان العلم حالياً فى تطور للوصول إلى التليفون الذى ينقل الصورة أيضاً بين المتخاطبين, فما أسهل أن يكون لهذا الأمر ضرره أيضاً من حيث الخوض فى خصوصيات من الخطر أن تُعرف...

* ومن تأثير العولمة أيضاً تطور الآلات:

وعلى الرغم من فوائد النمو فى صناعة الآلات, إلا أن القاعدة المعروفة هى أنه كلما ازداد استخدام الآلة, كلما ازدادت البطالة, إذ أن الآلة توفر عدداً كبيراً من العمالة. وهذا له ضرره من الناحية الأجتماعية, وإن كان يفيد من جهة سرعة ووفرة الأنتاج. ولكنه يفيد الرأسمالية بوجه خاص..!

وكمثال لذلك: بعد أن كان ريّ فدان من الأرض الزراعية يحتاج إلى ستة من الفلاحين, اصبح استخدام الري بالرش يلزمه حوالى ثلاثة عمال فقط لري عشرين فداناًُ. ونفس الأمر فى وسائل البناء والنقل...

كان استخدام الآلة هو بدء الانقلاب الصناعى فى اوروبا. وبكثرة استخدام الآلات انتشرت البطالة فى أجزاء كثيرة من العالم. وبدأت تقوم الأصطدامات بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال...

بقى أن نتكلم عن تأثير العولمة على الحضارة, وتفاعل الحضارات أو اصطدامها. وتأثيرها على الثقافة واللغة, وعلى المبادئ والأخلاقيات والقيم. وتأثيرها على الحرية والديموقراطية, وعلى الأسرة والمجتمع ووضع المرأة سياسياً واجتماعياً. وثأثيرها من جهة الإنجاب وبنوك الأعضاء, وموضوع الاستنساخ وتطوره, وموضوع الاستثمار, وكل ما يتعلق بالهجرة..

* من أهم عناصر العولمة: الحضارة وإنتقالها من بلد إلى بلد:

وكلمة الحضارة واسعة جداً فى معناها, فهى تشمل الثقافة والرقى وسائر القيم والعادات السائدة.

أما عن الثقافة, فلا ننسى مطلقاً فضل العولمة فى نشر العلم والمعرفة, مع الوضع فى الأعتبار بعض أنواع المعرفة المبنية على الشك كالفلسفات الملحدة وكالأفكار الإقتصادية التى تميل إلى الشيوعية أو الى التطرف بوجه عام.

أما من جهة العادات والطباع والقيم, وأمثال ذلك مما يسمونه فى الغرب Culture, فإن فيه اختلافاً كثيراً بيننا وبينهم. ونحن نلاحظ أن الذين يقيمون فترة طويلة فى بلاد الغرب متغربين عن أوطانهم, يعودون بشخصيات وعادات مختلفة عما كان لهم من قبل, بل حتى لكنة ولهجة صوتهم تتغير, وكذلك طريقة تفكيرهم أيضاً...

* كذلك للعولمة تأثيرها من جهة المجتمع والأسرة والمرأة:

* وهنا نسأل ماذا يكون وضع المرأة الشرقية فى ظل العولمة, حيث وصلت المرأة فى بعض بلاد الغرب إلى منصب رئيس الوزراء, وتنافس على منصب رئيس الدولة أيضاً. ونحن نشكر الله أن بلادنا مصر قد أفسحت المجال السياسي والإداري والإجتماعى أمام المرأة. فيوجد لدينا أكثر من وزيرة, وكذلك وكيلة مجلس الشعب إمرأة. وعدد كبير من النساء فى رتبة وكيل وزارة, ورتبة مدير عام. كما تم تعيين ثلاثين إمرأة فى القضاء... ولكن هل ستقبل بلاد الشرق العربي أن تصل المرأة إلى هذا المستوى أو أكثر؟ بينما فى بعض البلدان العربية تجاهد النساء لكى يكون لهن مجرد حق الأنتخاب فى بعض المجالس!

* ثم فى ظل انتشار العولمة ستعود مناقشة موضوع الحجاب والنقاب بالنسبة إلى المرأة. وكذلك ربما تظهر مشكلة الزواج المشترك ما بين طرفين مختلفين فى المذهب.

* تدخل مشكلة أخرى فى محيط الأسرة وهى مدى أحترام وطاعة الوالدين والكبار عموماً. فنحن فى الشرق نوقّر الكبار غاية التوقير, ونطلب رضى وبركة الوالدين, بينما فى الغرب توجد الأستقلالية فى الشخصية كلما وصل السن إلى مرحلة الشباب, ولا يجد الأبوان الفرصة الكافية لتأديب أبنائهم. ويمكن للأبن أن يطلب تدخل الشرطة رسمياً للحد من سلطان أبيه أو تدخله فى شئونه الخاصة...!

وعلى الرغم من إعترافنا بفضل العولمة فى إنتشار العلوم ورقيها, إلا إننا نجد بعض نواحى العلم- وبخاصة فى موضوع الأنجاب- قد سارت فى تيار لا يتفق كثيراً مع قيمنا ومع بعض مبادئنا الدينية:

* من ذلك وجود بنوك البويضات المخصبة...حيث يمكن للمرأة أن تختار النوع الذى تريد أن يُولد به ابن لها: من جهة طوله أو لون بشرته أو لون شعره أو درجة ذكائه. وتختار البويضة المخصبة التى تناسب طلبها, بغض النظر عن كيف أخصبت, وما شرعية ذلك, ومامدى تحكم علماء تلك البنوك فى الجينات البشرية وتوفيقها بأسلوب خاص لتأتى بالنتيجة المطلوبة...

* يضاف إلى هذا التطور الواسع فى موضوع الأستنساخ, الذى بدأ بتطبيقه على الحيوانات, ثم تطور إلى مجال البشر أيضاً. نحن لا نقف ضد العلم, ولكن من المفروض أيضاً أن تكون للعلم حدود لا يتعداها إلى الدخول فى المشيئة الإلهية!

نحن لا ندعى اطلاقاً بتدخل العلماء فى القدرة على الخلق, وهم لا يدّعون ذلك, لأن الخلق هو الإيجاد من العدم, وهذا خارج نطاق العلم, ولكن تصرفهم فى الخليقة حسب هواهم أو فكرهم الخاص هو موضوع من المفروض أن تكون له ضوابط وحدود.

* نقطة أخرى وهى استئجار الأرحام, حيث يمكن نقل بويضة لأم معينة إلى رحم إمرأة أخرى. ثم يُولد طفل له أم طبيعية وأم استئجروها ليولد منها!! وإلى أيهما ينتسب؟!

العولمة أيضاً لها تأثيرها فى محيط التجارة والصناعة: 

إذ توجد بلاد يمكن أن تقدم صناعات بسعر أقل, وتسوّقها فى بلاد أخرى, فتؤثر على ميزانها الإقتصادى, وعلى صناعتها المحلية, وبالتالى على وضع العمالة فيها. وربما هذا الأمر يوجد جواً من التنافس فى مجال الأنتاج ووفرته وجودته وسعره. ولكن ليست كل الدول تقدر على مثل هذا التنافس..

وكمثال واضح اختبرناه فى مصر, انتشار الصناعة الصينية فى نواح متعددة, وبأسعار أقل من السوق. بل عن طريق العولمة انتشرت صناعاتها أيضاً فى بلاد أخرى غرباً وشرقاً

لا ننسى أيضاً تأثير العولمة على اللغة

ويظهر هذا واضحاً فى كثير من العلوم. فنحن نستعمل العديد من الألفاظ اليونانية, مثل كلمات: فلسفة, جغرافيا, جيولوجيا, استراتيجية, تليفون, تلغراف تكنولوجيا. ونستخدم أيضاً عبارات فى الطب والدواء ليست عربية مثل الكوليسترول, والفيتامينات. وعموماً فإن تعريب الطب غير ممكن من جهة, وضار من جهة أخرى, إذ يوقف الصلة بالبحوث العلمية, والمؤتمرات العلمية, والمجلات والكتب التى عن الطب والصيدلة. وغالبيتها بلغات أجنبية.

إننا تعودنا أن نستخدم عبارات ليست عربية, مثل درجة الماجستير وهى كلمة لاتينية, ومثل كلمة (مايسترو)عن معلم الموسيقى, وهى كلمة إيطالية, ومثل كلمة كيمياء وهى هيروغليفية الأصل أو قبطية. بل أن كلمة (لغة) نفسها ليست عربية, وإنما أصلها يونانى.

أما فى العربية فنستخدم عبارة (لساناً عربياً فصيحاً). ومن أقدم وأشهر القواميس فى العربية كتاب لسان العرب لابن منظور وليس لغة العرب

ختاماً, لا خوف من العولمة على ثوابتنا العقيدية, فهى أعمق من العولمة, أما الحضارة والثقافة فهى ملك الجميع.
reaction:
خادم أم النور
خادم أم النور
rabony333@gmail.com

تعليقات