القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة


+ كيف تعرف أنك قد تبت؟ وكيف يعرف الغير توبتك؟ إن التوبة ليست مجرد عمل قلبي. إنما هناك أعمال وثمار تليق بها، كما قيل "من ثمارهم تعرفونهم". فما هى هذه الثمار التي تدل على أن الإنسان تائب.
?? أول علامة للتوبة هى الإعتراف بالخطأ. وأول مرحلة لذلك هى أن تعترف بينك وبين نفسك أنك قد أخطأت. ولكي تصل إلى ذلك عليك أن تحاسب نفسك بدقة، وتشعر في أعماقك بإقتناع كامل أنك قد أخطأت. لأنه بدون هذا لا تكون توبة. وصدق ذلك القديس الذي قال " إحكم يا أخي على نفسك قبل أن يحكموا عليك". فالذي لا يدين نفسه ولا يحكم عليها، لا يحدث أنه يقف أمام الله معترفاً بخطيئته طالباً المغفرة. فالإنسان التائب يشعر أنه أخطأ إلى الله، بكسره لوصاياه، وبخيانته لقلب الله الحنون العطوف الذي تولاه بالعناية والرعاية والحب والستر ولكنه مع ذلك أحب الخطية أكثر من محبته لله!.
+ والذي يعترف بينه وبين نفسه أنه قد أخطأ، لا يجوز له أن يبرر ذاته، أو يدافع عن نفسه، أو يلصق مسئولية أخطائه للآخرين.
?? والتائب الذي يشعر أنه في خطيئته قد أساء إلى غيره، فأنه في توبته يجب أن يذهب إلى من أذنب إليه ويحاول أن يرضى قلبه من جهته ويصالحه. لأنه لا يليق بالتائب أن تكون هناك نفوس متضايقة منه وهو لا يعبأ! وكيف يطلب من الله المغفرة، بينما هناك نفوس أخرى تشكوه إلى الله؟!
?? هناك أمران يمنعان من التوبة ومن الإعتراف بالخطأ، هما الأعذار والبر الذاتي. كأن يعتذر الإنسان بضعفه، أو بضعف الطبيعة البشرية عموماً، أو بشدة الحروب الخارجية، أو أنه ارتكب الخطيئة عن جهل أو نسيان، أو كان فيها ضحية لغيره وبذلك يلصق المسئولية بغيره أو أنه يتهم القادة الدينيين بعدم رعايتهم له. بل أكثر من ذلك كله يعاتب الله سبحانه، لأنه لم يرسل إليه معونة تمنعه من السقوط. أما التائب الحقيقي يقف أمام الله كمذنب لا يبرئ ذاته. أما الأعذار فأنها تحاول أن تغطى على الخطية أو تخفف من ثقلها، لا أن تتوب عنها. أما البر الذاتي فهو أخطر، لأنه ينكر وجود الخطيئة أصلاً. أنه أخطر من الأعذار التي تعترف بوجود خطيئة، وإنما تحاول أن تهرب من مسئوليتها أو تقلل منها.
وعجيب أن الهاربين من مسئولية أخطائهم: إن واجههم أحد بخطاياهم، يجادلون كثيراً ولا يعترفون.
?? إن الأخطاء التي نعترف بسقوطنا فيها، هى التي نتوب عنها ونطلب عنها مغفرة. ولسنا نندم فقط على الخطايا التي نعرفها ونعترف بها. بل نحتاج أيضاًَ أن نندم على خطايا أخرى يكشفها اللَّه لنا فيما بعد، أو تنكشف لنا من خلال قراءتنا الروحية، أو ما نسمعه من العظات ومن أفواه المرشدين. فنبدأ أن نتوب عنها. وهكذا ننمو في توبتنا. لأن مقاييسنا الروحية تصبح أكثر حساسية، وموازيننا الروحية تصبح أكثر دقة. فلا نعرف فقط أخطائنا، إنما بالأكثر نشعر بثقل هذه الخطايا وبشاعتها. ومن الجائز أن فضائلنا التي نفتخر بها الآن، نلوم ذاتنا بسببها فيما بعد بسبب ضآلتها وتفاهتها وضعف مستواها، كلما تتسع أمامنا الآفاق الروحية.
+ خير لنا مادمنا في الجسد، ومادامت أمامنا فرصة للتوبة، أن نعترف بأننا أخطأنا ونتوب، قبل أن يغلق الباب.
?? والتائب الذي يشعر ببشاعة الخطية، يشعر أيضاً بالخجل منها. وكأنه يقول لنفسه كيف أمكن أن أسقط وأصل إلى هذا المستوى؟! أين كان عقلي وأين كان ضميري؟ كيف ضعفت وكيف استسلمت؟! إنه يخجل من خطيئته التي تتعب ذاكرته وتطارده، كأنها سياط من نار تلهب ضميره.
+ أنه يخجل من محبة اللَّه له. وكيف أنه قابل محبة اللَّه بالجحود والنكران وبالخيانة أيضاً! ويخجل أيضاً من أن اللَّه كان يراه في سقطاته، اللَّه الكُلِّي القداسة والكمال ... ويخجل من طول أناة اللَّه عليه وكيف صبر عليه! ويخجل من أرواح القديسين والملائكة، الذين كانوا يرونه في سقطته ويتعجَّبون، ويُصلُّون من أجله لكي يقوم ... بل يخجل أيضاً من أرواح أقربائه وأصدقائه الذين انتقلوا من هذا العالم، وكيف أنهم لابد يتعجبون من حالته ... بل يخجل أيضاً من أعدائه الذين يشمتون به إن عرفوا سقطاته ... بل يخجل من وعوده التي وعد بها اللَّه من قبل، وكيف أنه حنث بكل عهوده.
+ وفي خجله من خطاياه تصغر نفسه في عينيه لسبب ما يراه من سقوطها وضعفها. لكل ذلك نحن نطوِّب التائبين الذين يشعرون بالخزي من خطاياهم.
?? ومن علامات التوبة الحقيقية: الندم ، وتحمل آلام وخذ الضمير وتبكيته. وكذلك قبول العقوبات التي يفرضها على نفسه أو التي تُفرض عليه من المجتمع. فيقبلها برضى وبغير تذمر ولا شكوى، وهو شاعر أنه يستحق كل هذا. وازدياد ندم الإنسان وألمه على خطاياه السابقة، إنما يدل ذلك على حساسية في قلبه المرهف وضميره الدقيق. وصدق القديس أنطونيوس الكبير حينما قال: " إن ذكرنا خطايانا، لا يذكرها لنا اللَّه، وإن نسينا خطايانا يُذكِّرنا بها اللَّه ".
+ نعم اذكر خطاياك لكي تعرف ضعفك فتحترس وتُدقِّق فيما بعد. واذكرها لكي تعرف كم غفر اللَّه لك في توبتك. وبندمك ولومك لنفسك على خطاياك، تصل إلى حالة من الإتضاع، التي تُبكِّت بها نفسك على سقوطها. ولا يعود قلبك يرتفع وتتكبر. وبلومك لنفسك ومعرفتك بضعفها، تقتني الشفقة على المخطئين.
?? ومن علامات التوبة إصلاح نتائج الخطأ. الإنسان الذي ظلم غيره من قبل من المفروض في توبته أن يرد إليه إعتباره. والذي سرق من أحد يجب عليه أن يرد المسروق بقدر إستطاعته. والذي شهر بغيره وأساء إلى سمعته ينبغي عليه أن يُصلح ذلك أيضاً.
+ وإن كان إصلاح نتائج الخطية غير ممكن، فعلى الأقل يجب أن تنسحق النفس لهذا السبب إذ ارتكب الإنسان خطايا من الصعب علاج نتائجها.
إن التائب الحقيقي الذي شعر بضعفه، لا يُركِّز على خطايا غيره، إنما على خطاياه وحده. كذلك ينبغي أن يغفر لغيره ما أساء به إليه، كما غفر الرب له.
reaction:
خادم أم النور
خادم أم النور
rabony333@gmail.com

تعليقات