إدّعى ديودور Diodorus of Tarsus أن اللاهوت سوف ينتقص إذا كوّن الكلمة والجسد اتحاداً جوهرياً substantial(أو أقنومياً) مشابهاً لذلك الذى ينتج عن اتحاد الجسد والنفس (العاقلة) فى الإنسان.
فى رد فعله على ذلك (أى على فكرة تكوين الكلمة والجسد اتحاداً جوهرياً) قادته نظريته الخاصة إلى الفصل بين اللاهوت والناسوت، وهذا أوصله إلى التمييز[1] بين ابن الله وابن داود. وقال[2] إن الكتب المقدسة تضع حداً فاصلاً بين أفعال الابنين.. فلماذا يحصل من يجدفون على ابن الإنسان على الغفران، بينما من يجدفون على الروح (الروح القدس) لا يحصلون على الغفران؟[3]
فتش ديودور فى الكتاب المقدس كله على آية واحدة واخترع منها هرطقة. مع أن السيد المسيح مثلاً قال "إن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه" (مت16: 27)، وهو فى هذا القول لم يفرِّق بين ابن الإنسان وابن الله. فمع أن عبارة "مجد أبيه" تدل على أنه ابن الله، إلا أنه ذكر فى بداية القول عبارة "ابن الإنسان" ولم يفصل بينهما.
يفسر ديودور الطرسوسى قول السيد المسيح "كل من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من جدَّف على الروح القدس فلا يغفر له" (لو 12: 10) بأن ابن الإنسان ليس اللاهوت أما ابن الله فهو اللاهوت، لذلك فإن من يجدّف على ابن الإنسان يجدف على الناسوت وليس اللاهوت.
لكن هذه الآية فى الحقيقة لا تعنى ذلك على الإطلاق، بل تعنى أنه حيث أن الروح القدس هو الذى يبكت الإنسان على الخطية، لذلك إذا جدَّف الإنسان على الابن سيغفر له لو تاب بواسطة تبكيت الروح القدس له، أما إذا جدف على الروح القدس فهذا يعنى أنه سيرفض عمل الروح القدس فيه، فمن الذى سيقوده إلى التوبة حينئذ؟! ومن الذى سيرشده إلى معرفة الحق. قال السيد المسيح "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو16: 13). أما الذى يجدف على الروح القدس فلن يجد أحد يعرِّفه بحقيقة المسيح. الذى يجدّف على المسيح بعد فترة من الممكن أن يرشده الروح القدس، ويرجع إلى طريق الصواب ويكتشف خطأه. مثال لذلك: بولس الرسول الذى قال له السيد المسيح "أنا يسوع الذى أنت تضطهده" (أع9: 5). هو يسوع واحد، وكان بولس يضطهده فى كل الاتجاهات، فقد كان يفترى عليه، ويقول أنه ليس ابن الله. فهل كانت حرب بولس الرسول فى اضطهاده للمسيحية هى حرب ضد ابن الإنسان فقط؟ وقد كان بولس أيضاً ينكر أن المسيح هو الله. مثل جميع اليهود الذين أرادوا أن يقتلوا السيد المسيح لأنه قال أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله (انظر يو5: 18). (إذاً فالتجديف على ابن الإنسان معناه إنكار تجسد الله الكلمة ومساواته للآب).
--------------------------------------------------
[1] Collected by R. Abramowski, Z.N.T.W. 42 (1949), E.g. frg. 42
[2] Collected by R. Abramowski, Z.N.T.W. 42 (1949), E.g. frg. 19: cf. frg. 42
[3] J.N.D. Kelly, Early Christian Doctrines, Chapter XI -Fourth Century Christology - Fifth Edition- A and C Black- London 1977 , p.303.
تعليقات
إرسال تعليق