الكتاب المقدس لم يقصد به أن يكون كتاب تاريخ ... ولو أرادت الأناجيل ذكر جميع الأحداث والتفاصيل التاريخية " ما كان العالم يسع الكتب المكتوبة " (يو21: 25) . إن تفاصيل يوم واحد من حياة السيد المسيح علي الأرض , بما فيه من تعاليم ومعجزات , يحتاج وحده إلي كتاب .... وحتى فترة حياة المسيح بعد الثلاثين لم تسجل كلها . يكفي أن القديس يوحنا الإنجيلي قال في ذلك : "وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة فواحدة ، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة " (يو21: 25) إنما الرسل اختاروا أحداثاً معينة تقود إلي الإيمان . وهكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي " .. وأما هذه فقد كُتبت , لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله , ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو20: 31) . إن قصد الأناجيل أن تكون بشارة خلاص ، تحكي قصة خلاص .... لذلك بدأت الأناجيل بميلاد المسيح المعجزي من عذراء , والملائكة الذين أحاطوا بقصة الميلاد , وكذلك بنسب المسيح , وتحقيق النبوات الخاصة بميلاده ثم انتقلت إلي عماده وبدء كرازته . وكمثال لفترة طفولته ذكرت لقاءه بشيوخ اليهود وتعجبهم من إجاباته (لو2: 46) ... كمعلم في سنة المبكرة . إما إدعاء ذهابه إلي الصين ، فلا سند له ..... لا سند له من الكتاب , ولا من التاريخ , ولا من التقاليد . يقصد به أعداء المسيح أنه اخذ تعاليمه عن البوذيـة . ولذلك حسناً إن الإنجيل ذكر علم المسيح الفائق منذ صباه , حتى أنه كان مثار عجب الشيوخ , فلم يكن محتاجاً أن يذهب إلي الصين أو غيرها . وتعليم السيد المسيح أسمى من البوذية ومن أي تعليم آخر . وأي دارس يكتشف هذا السمو بما لا يقاس . وليس الآن مجال المقارنة . ولو كان هناك تشابه بين تعليمه والبوذية , لآمن به البوذيون . فهل تراه أخذ عن البوذية أيضاً معجزاته الباهرة ؟! هل أخذ منها إقامة الموتى , ومنح البصر للعميان , وانتهار البحر والمشى علي الماء , وإشباع الآلاف من خمس خبزات , وشفاء الأمراض المستعصية , وأخراج الشياطين ...وباقي المعجزات التي لا تحصى . وهل أخذ من البوذية الفداء الذي قدمه للعالم .... لا داعي إذن لأن يسرح الخيال في فترة الثلاثين سنة السابقة لخدمته . إنما يكفي أن نقول إن السيد المسيح – حسب الشريعة – بدأ خدمته من سن الثلاثين (عد4: 3، 23، 47) (1أي23: 3) . وما يلزمنا معرفته في قصة الخلاص هو رسالة المسيح بعد الثلاثين ، يضاف إليها ميلاده البتولي ، وما أحاط به من نبوءات ومعجزات . وهذا يكفي
تعليقات
إرسال تعليق