البخل هو عدة خطايا معاً، أى خطية مركبة. البخل فيه خطية محبة المال وعدم انفاقه. والكتاب يقول إن "محبة المال أصل لكل الشرور. الذى إذا ابتغاه قوم، ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى6: 10). والسيد المسيح يعتبر محبة المال نوعاً من العبادة تنافس عبادة الله. فيقول "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.. الله والمال" (مت6: 24). ونعرف أن الشاب الغنى مضى من أمام المسيح حزيناً، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت 19 : 22). والمقصود بالمال هو كل ما يملكه الإنسان سواء من النقد أو من المقتنيات أياً كانت. والبخل يحوى أيضاً عدم محبة الآخرين، والبعد عن فضيلة العطاء. فهو يشمل حرمان الآخرين من أخذ نصيب مما له، مهما كانوا فى أمس الحاجة إلى ذلك! فهو لا ينقذ غيره بشىء من العطاء. ويكسر وصية الرب القائلة "من سألك فاعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" (مت5 : 42). وبهذا تقف أمامه الآية التى تقول "من يسدّ أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضاً يصرخ ولا يستجاب" (أم21 : 13). وتكون نهايته كنهاية الغنى الذى لم يشفق على لعازر المسكين، ولم يعطه حتى الفتات الساقط من مائدته (لو16 : 21 ، 23). والبخيل يقف أمامه – من جهة مساعدة الآخرين – قول الكتاب: "من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل، فتلك خطية له" (يع4 : 17). فلاشك أن الذى عنده مال، يعرف أنه يستطيع أن يستخدمه فى أعمال حسنة كثيرة، مثل أسلوب الكرماء. ولكنه لا يفعل بسبب محبته للمال وعدم رغبته فى الإنفاق. ولاشك أن هذه خطية له. بل إن البخيل، غالباً ما يكون أيضاً بخيلاً على نفسه. إنه يعيش كفقير، على الرغم من كل ما يملكه. لأنه لا يريد أن ينفق حتى على نفسه! لأنه يحب المال أكثر مما يحب نفسه. يحب "الجمع والتكويم" (جا2 : 26) "يذخر ذخائر، ولا يدرى من يضمها" (مز39: 6). "يكنز له كنوزاً على الأرض" (مت6 : 19)، ولا يعرف كيف يستفيد منها، ولا يود أن يكنز له كنوزاً فى السماء. أما كنوزه فتضيع قيمتها. وكما قال الشاعر : فهى بالإنفاق تبقى * وهى بالإمساك تفنى مثله مثل إنسان عنده قدح من الحنطة. إن أبقاه عنده، يأكله السوس. وإن ألقاه فى الأرض يدر عليه آلاف السنابل وأرادب من القمح.. البخيل أيضاً غالباً ما يكون بخيلاً على أسرته! بخيلاً على زوجته وأولاده وباقى أفراد عائلته. لا يعطيهم ما يطلبون، ويقتر عليهم ويكون شحيحاً فى إعطائه. وكثيراً ما يتسبب البخل فى مشاكل عائلية، وأحياناً يؤدى إلى الطلاق. وقد قرأنا كثيراً فى الأخبار أن الحقد على بعض البخلاء أدى إلى قتلهم. البخيل يفقد محبة الناس. لأنه لا يفتح قلبه لهم، ولا يفتح جيبه ولا خزائنه، ولا يساهم فى حل مشاكلهم، ولا يشعرهم بحنو أو بعطف. فيسخطون عليه وعلى ماله، الذى لا يستفيد منه ولا يفيد الآخرين. والكتاب المقدس يذكر لنا كيف أن بخل نابال الكرملى قد أثار سخط داود النبى، فصمم على قتله. لولا أن أبيجايل أنقذت الموقف بحكمتها وكرمها (1صم 25).
تعليقات
إرسال تعليق