"الله محبة" (1يو4: 8، 16). من كان الآب يحب قبل أن يخلق العالم والملائكة والبشر؟ إذا أحب الله الآب نفسه، يكون أنانياًego-centric؛ وحاشا لله أن يكون هكذا. إذن لابد من وجود محبوب، كما قال السيد المسيح فى مناجاته للآب قبل الصلب "لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (يو17: 24). وبوجود الابن يمكن أن نصف الله بالحب أزلياً وليس كأن الحب شئ حادث أو مستحدث بالنسبة لله. فالأبوة والحب متلازمان، طالما وجدت الأبوة فهناك المحبة بين الآب والابن.
ولكن الحب لا يصير كاملاً إلا بوجود الأقنوم الثالث. لأن الحب نحو الأنا، هو أنانية وليس حباً. والحب الذى يتجه نحو الآخر الذى ليس آخر سواه (المنحصر فى آخر وحيد) هو حب متخصص رافض للاحتواء exclusive love بمعنى إنه حب ناقص. ولكن الحب المثالى هو الذى يتجه نحو الآخر وإلى كل من هو آخر inclusive love. وهنا تبرز أهمية وجود الأقنوم الثالث من أجل كمال المحبة.
وإذا وجدت الخليقة فى أى وقت وفى أى مكان فهى تدخل فى نطاق هذا الحب اللانهائى لأن مثلث الحب هنا هو بلا حدود ولا مقاييس. هذا الحب الكامل يتجه أيضاً نحو الخليقة حيثما وحينما توجد. كما قال السيد المسيح للآب "ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26). إن الحب الكامل هو الحب بين الأقانيم الثلاثة وهذا هو أعظم حب فى الوجود كله.
لكن قد يسأل سائل لماذا لا تكون الأقانيم أربعة أو خمسة؟ وللرد نقول أن أى شئ ناقص فى الله يعتبر ضد كماله الإلهى، كما أن أى شئ يزيد بلا داعى يعتبر ضد كماله الإلهى.
إن مساحة هذا المثلث ما لا نهاية، أى أن مساحة الحب بين الأقانيم الثلاثة هى ما لا نهاية، ومثلث الحب هذا يتسع حتى يشمل كل الخليقة، فأى كائن يقع داخل نطاق المثلث يشمله هذا الحب فما الداعى لنقطة رابعة أو خامسة.
إذا كان المثلث نقطة أو مستقيم تكون مساحته صفر كما قلنا، حتى إذا كان طوله ما لا نهاية، لكن حين صار مثلثاً صارت له مساحة. فإن كانت المساحة ما لا نهاية فإنها تشمل كل الخليقة، فلا يحتاج الأمر إلى مربع أو مسدس. يكفى لكى تكون هناك مساحة أن يكون مثلث.
مثال توضيحى:
إذا اشتريت خط مستقيم من القاهرة إلى بنها ولكن ليس له عرض فأنت لم تشترى أرض على الإطلاق. لكنك تعتبر نفسك اشتريت مساحة أرض فقط إذا كان لها طول وعرض. فالخط إذا كان عرضه صفر حتى وإن كان طوله ما لا نهاية فهو يؤول إلى صفر.
تعليقات
إرسال تعليق