هدأت أمواج
الاضطهادات التى لاقتها الكنيسة لمدة ثلاثة قرون بصدور مرسوم التسامح
الدينى فى عصر الملك قسطنطين 313 م، وهو المسمى "منشور
ميلانو" الذى اعترفت فيه الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية ديانة مسموح بها
رسمياً. ثم جاءت الحاجة ملحة لعقد مجمع مسكونى بسبب:
أ-حل مشكلات تنظيمية
خاصة بالإيبارشيات، ولتحديد موعد موحد لعيد الفصح (عيد القيامة المجيد).
ب- أما السبب المباشر
لعقد المجمع فقد كان بدعة أريوس، لأن الإمبراطورية كادت تنقسم بسبب تلك البدعة.
انعقد المجمع
المسكونى بأمر الملك قسطنطين خوفاً من الانقسام الحاد الحادث فى الامبراطورية بسبب
بدعة أريوس. وكان انعقاده سنة 325م فى نيقية بعدد 318 أسقفاً، كما ذكر القديس
أثناسيوس الذى كان شاهد عيان وأحد أعضاء المجمع فى خطاب له[1].
فى البداية كان 16 أسقفاً مؤيدين لأريوس، و22 أسقفاً مؤيدين للبابا
ألكسندروس، والباقى لم يكن موقفهم قد تحدد بعد. أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفين
فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع
مع الكهنة الملتصقين بهما[2]، وفى أيام القديس إبيفانيوس كانت توقيعات
الـ 318 الحاضرين فى نيقية لازالت موجودة.[3] هذا
كان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على إفتراءات أريوس، وفى هذا نرى مدى
عظمة الدفاع السكندرى فى المجمع. ولم يكن الوصول لقرار المجمع بالأمر الهين بل
استدعى الأمر مجهوداً رهيباً.
كان البابا
ألكسندروس، كما ذكرنا، قد عقد مجمعاً محلياً عام 318 م حرم فيه أريوس وتعاليمه،
وجرده من رتبته الكهنوتية. فغادر أريوس مصر إلى فلسطين وآسيا
الصغرى إلى صديقه أوسابيوس أسقف نيقوميديا، حيث بدأ فى نشر تعاليمه فى صورة
مقطوعات شعرية فى كتابه المسمى "ثاليا" أى الوليمة Banquet، ولحّن هذه المقطوعات ولقّنها لأتباعه ليعلموها للناس فى صورة
تراتيل.
انخدع أوسابيوس بضلال
أريوس وعقد مجمعين مكانيين سنة 322 م، 323 م تقرر فيهما: إلغاء الحرم الصادر من
البابا ألكسندروس (19) ضد أريوس، وكان ذلك سبباً فى رجوع أريوس إلى الإسكندرية
لينفث سمومه هناك ثانيةً، فطرده البابا ألكسندروس مرة أخرى فعاد إلى حيث
كان.
لكن بمساعدة يوسابيوس
بلغ الأمر إلى الإمبراطور، الذى قام بإرسال هوسيوس أسقف أسبانيا إلى البابا
ألكسندروس، وما أن وقف هوسيوس على حقيقة الأمر حتى أبلغ الإمبراطور واقترح عقد
مجمع مسكونى للنظر فى هذه الضلالة.
[1] Hefele, A History of the Councils ,Vol
I, p. 271, quoted Athanas. Ed Afros c. 2.
[2] Hefele, A History of the Councils Vol
I, p. 297, quoted Philostorg. Supplem. 539, ed. Vales Mogunt. 1679; Sozomen i.
21. Socrat. I. 9
[3] Hefele, A History of the Councils Vol
I, p. 296, quoted Epiphan. Hoeres. 69. 11
تعليقات
إرسال تعليق