القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاركات المدونة

هناك ثلاثة إختلافات في سلسلة الأنساب بين ما سجله متى الإنجيلي ، وما سجله لوقا الإنجيلي , نريد أن نسأل عنها الآن . وهي 1- يوجد خلاف بين الأسماء التي يوردها كل من الإنجيليين . :2- القديس متى يبدأ سيرة السيد المسيح بسلسلة الأنساب . أما القديس لوقا فلا يعرض لها إلا بعد أن يروى قصة العماد .3- القديس متى يسرد الأنساب نازلاً من الآباء أولاً إلي الأبناء . بينما القديس لوقا يصعد بالأنساب من الرب يسوع إلي آدم إلي الله . فهل من شرح لكل هذه الإختلافات ؟

الخلاف في الأسماء :- في الواقع أن متى الإنجيلي سرد من جانبه النسب الطبيعي للسيد المسيح , بينما سرد لوقا النسب الشرعي أو الرسمي . ولتفسير هذا نقول الآتي : نصت شريعة موسى علي أنه إن توفى رجل بدون نسل , يجب أن يدخل أخو المتوفي علي أرملة أخيه , وينجب لأخيه المتوفي نسلاً منها ، أي أن الابن الذي ينجبه يصبح من الناحية الشرعية إبناً رسمياً لخيه المتوفي , وإن كان يعتبر إبناً غير طبيعياً لهذا الأخ الذي أنجبه من صلبه . وبهذا يكون لمثل هذا الابن أبوان : أب طبيعي وهو الذي أنجبه وأب شرعي وهو عمه المتوفي بدون نسل . وهذا هو ما ورد في سفر التثنية عن هذا الأمر : " إذا سكن أخوة معاً , ومات منهم وليس له ابن , فلا تصر إمرأة الميت إلي خارج لرجل أجنبي . أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجه , ويقوم لها بواجب أخي الزوج . والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه المتوفي ، لئلا يمحى اسمه من إسرائيل " (تث25: 5،6) . فإذا حدث أن هذا المتوفي بدون أولاد لم يكن له أخ , فإن أقرب أقربائه يأخذ امرأته ليقيم له نسلاً ، لأن الابن الذي يولد ينسب لهذا المتوفي حسب الناموس , وإذا كان النسيب الأقرب لا يريد أن يأخذ زوجة المتوفي حسبما كلف , فإن النسيب الذي يليه في القرابة لابد أن يقبل هذا الزواج ، لأن الشريعة تحرص علي إقامه نسل لذلك المتوفي بدون إنجاب بنين . وهذا النوع من الزواج يسمى (الفك) ، وله مثل واضح في سفر راعوث في قصتها مع بوعز . وفي تفصيل ذلك يقول القديس ساويرس بطريرك أنطاكية : "وبهذه الطريقة فإن يوسف خطيب القديسة العذراء ينتسب في الواقع إلي أبوين إثنين" لأنه حيث أن هالي اتخذ له امرأه ومات دون أن ينجب بنين ، فإن يعقوب – الذي كان أقرب الأنسباء إليه – تزوج امرأته لكي ينجب له نسلاً منها حسبما أمرت الشريعة . فلما أنجب منها يوسف , صار يوسف هذا إبناً شرعياً لهالي المتوفي ، وفي نفس الوقت ابناً طبيعياً ليعقوب " . ومن أجل هذا قال متى من جانبه إن يوسف هو ابن يعقوب . ولوقا من الجانب الآخر قال إنه ابن هالي . أحدهما أورد النسب الطبيعيلا , والاخر أورد النسب الشرعي . ومتى من جانبه ذكر الآباء الطبيعيين ليوسف ولوقا من الجانب الآخر ذكر الاباء الشرعيين . ووصل لوقا بالنسب الشرعي للمسيح حتى ناثان بن داود , ومتى وصل بالنسب الطبيعي حتى سليمان بن داود . وتلاقي الإثنان عن داود .. وبين متى ولوقا كان المجرى يتشابه أحياناً , ثم ينقسم متنوعاً , ثم يعود فيتحد ثم ينفصل .. وبهذا سواء من الناحية الطبيعية أو الشرعية يثبت نسب المسيح .. من حيث أنه ابن لداود وابن لإبراهيم وابن لآدم .    2، 3 – الخلاف في الصعود والهبوط , وعلاقة ذلك بالعماد : وبدأ متى إنجيله بقوله " كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن ابراهيم .." . وبعد هذا مباشرة شرح الأنساب إذ قال " ابراهيم ولد اسحق ، واسحق ولد يعقوب ". وبعد أن ذكر أولئك الذين ولدوا من معاشرات فيها أخطاء , أتى في النهاية إلي إحصاء الأجيال . ثم قال مباشرة " وأما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا .." وهكذا بعد أن شرح الفساد والموت الذي مرت به كل تلك الأجيال , وصل إلي ولادة السيد المسيح الطاهرة التي من الروح القدس ومن العذراء مريم . أما لوقا فروى البشارة , وميلاد المعمدان , وميلاد المسيح وتدرج حتى وصل إلي عماد الرب في سن الثلاثين . وهنا ذكر الأنساب الشرعيين .. ويشرح القديس ساويرس بطريرك أنطاكية هذا الموضوع فيقول : إن لوقا شرح الأنساب الشرعية , التي تذكرنا بمن مات دون نسل , ثم أقيم اسمه بعد موته , بابن ينتسب إليه , بطريقه فيها مثال للتبني والقيامة .. وذكر تلك الأنساب بعدما أورد قصة العماد .. ذلك لأن المعمودية تعطي التبني الحقيقي السمائي , في إظهار أولاد الله لذلك ذكر الأنساب الشرعية التي تعطي للتبني . لإظهار أن هذا المثال قد تثبت بالحقيقة , وأن الحالة المرضية التي للناس , قد أعيدت إلي الصحة بواسطة النعمة . ولهذا السبب صعد بالأنساب من أسفل إلي فوق وأوصلها إلي الله , ليظهر أن النعمة التي تأتي بالمعمودية ترفعنا وتصعد بنا إلي النسب الإلهي ، حيث تجعلنا أولاداً لله . تماماً كما أن اتحاد الزواج الذي تم بعد كسر آدم وحواء للوصية وإنجاب البنين الذي نتج عن ذلك , جعلنا نهبط إلي أسفل . لإتمام هذه الصورة نزل متى بالأنساب الطبيعية إلي أسفل . ويقول القديس أوغسطينوس : متى ينزل بالأنساب , مشيراً إلي ربنا يسوع المسيح نازلاً ليحمل خطايانا . لأنه من نسل ابراهيم تتبارك جميع الشعوب (تك12: 3) . وهكذا لم يبدأ من آدم .
reaction:
خادم أم النور
خادم أم النور
rabony333@gmail.com

تعليقات