سر الإفخارستيا أي سر الشكر ويسمى سر الشركة المقدسة HOLY COMMUNION. هو تسليم من الرب يسوع المسيح نفسه لتلاميذه. الرب يسوع هو الذي أسسه يوم خميس العهد.
(مت26:26-30): "وفيما هم يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي.واخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا.وأقول لكم أني من الآن لا اشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما اشربه معكم جديدا في ملكوت أبي.ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون."
(مر22:14-26): "وفيما هم يأكلون اخذ يسوع خبزا وبارك وكسر وأعطاهم وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. ثم اخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا منها كلهم. وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين. الحق أقول لكم أنى لا اشرب بعد من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما اشربه جديدا في ملكوت الله. ثم سبحوا ورجوا إلى جبل الزيتون."
(لو14:22-23): " ولما كانت الساعة اتكأ والاثني عشر رسولا معه. وقال لهم شهوة اشتهيت أن أكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم. لأني أقول لكم أني لا أكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله. ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم. لأني أقول لكم أنى لا اشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله. واخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم. ولكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة. وابن الإنسان ماض كما هو محتوم ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه. فأبتداوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهمهو المزمع أن يفعل هذا."
أمّا يوحنا فلم يورد في إنجيله تأسيس السر ليلة خميس العهد لسببين:
1) كان السر يمارس في الكنيسة حوالي سبعين سنة قبل كتابة إنجيل يوحنا. فيوحنا كتب إنجيله حوالي سنة 100ميلادية، فلم يجد داعٍ أن يشرح شيئاً تمارسه الكنيسة كل هذه المدة. هذا فضلاً عن أن الأناجيل الثلاثة التي أوردت تفاسير السر كانت قد إنتشرت.
2) أورد القديس يوحنا حديث السيد المسيح عن هذا السر في(يو6) وكان هذا تعقيباً على معجزة الخمس خبزات. (يو47:6-59): " الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية. أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء أن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم. فخاصم اليهود بعضهم بعضا قائلين كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل. فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم أن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لان جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ليس كما أكل آباؤكم المن وماتوا من يأكل هذا الخبز فانه يحيا إلى الأبد. قال هذا في المجمع وهو يعلم في كفرناحوم."
وردد القديس بولس نفس المفهوم
(1كو15:10-22): "أقول كما للحكماء احكموا انتم في ما أقول. كاس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح.فأننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد.انظروا إسرائيل حسب الجسد أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح.فماذا أقول أأن الوثن شيء أو أن ما ذبح للوثن شيء.بل أن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله فلست أريد أن تكونوا انتم شركاء الشياطين.لا تقدرون أن تشربوا كاس الرب وكاس شياطين لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين.أم نغير الرب ألعلنا أقوى منه."
(1كو23:11-31): "أنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزا. وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. فأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء. إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كاس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس. لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب. من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا."
ويفهم من النص الأخير أن الرب هو الذي سلم بولس هذا السر.
والكنيسة باشرت منذ بدأت، من عصر الآباء الرسل هذا السر. ويحفظ لنا التاريخ قداسات قديمة مثل قداس يعقوب الرسول أول أسقف لأورشليم. ويقال أن هناك قداس كان يسمى عهد الرسل صلوا به معاً. وهناك قداس مرقس الرسول الذي تطور إلى القداس الكيرلسي فيما بعد. وهذه القداسات تدل على عظم السر وأهميته وقدمه، وأنه تسليم إلهي من المسيح نفسه.
وأهمية وعظم هذا السر تظهر من قول السيد المسيح "أن من يأكل.. ويشرب.. تكون له حياة أبدية ويثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه ويقيمه في اليوم الأخير" (يو54:6)، وأن من لا يأكل .. ويشرب.. لا يكون لكم حياة فيكم (يو53:6) وأيضاً من يأكل ويشرب له مغفرة الخطايا (مت28:26). ولذلك تصلى الكنيسة يعطي خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه. وعلى الجانب الآخر فبولس الرسول يحذر من التناول من جسد الرب ودمه لمن هو غير مستحق (1كو29:11،30). لذلك تصلى الكنيسة في القداس. (إجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا)
ولأهمية التناول قال القديسون (الذي يبقي طويلاً بدون تناول تنتصر عليه الشياطين)
الاستعداد للتناول:
1) بالصوم مدة لا تقل عن 9ساعات على شرط أنه لا يكون قد أكل الإنسان بعد الساعة الثانية عشرة لكي لا يبدأ اليوم مفطراً. والصوم فيه تذلل وإنسحاق لكي ننال النعمة. وموسى صام قبل أن يأخذ كلمة الله. ونحن نصوم قبل أن نتناول من جسد الله الكلمة.
2) بطهارة النفس وذلك بالتوبة والإعتراف، وبدون هذا يكون الإنسان غير مستحق للتناول. وإشارة لذلك غسل الرب أرجل تلاميذه رمزاً للطهارة اللازمة لهم قبل التناول.
3) بطهارة الجسد (الإستحمام ولبس ملابس نظيفة والإبتعاد عن كافة النواحي الجنسية)
4) التصالح مع كل إنسان والغفران للناس"إن تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك إذهب أولاً واصطلح"
+ ولهذا كله يقول الكاهن قبل التناول القدسات للقديسين. ويسمى القداس الذي يقدس السرائر الإلهية قداس القديسين.
+ والاستعداد فيه
1 ) جوانب سلبية أي عدم فعل الشر.
2) جوانب إيجابية أي نكون نوراً للعالم بفعل الخير.
+ وبقدر ما يكون الإنسان أميناً في توبته وجهاده بقدر ما يستفيد من التناول، فلا يخرج كما دخل. فللأسف هناك من يأخذون الأمر كعادة ويتناولون بلا إستعداد.
+ ومع كل هذا فلا يوجد إنسان واحد مستحق تماماً لهذا السر.
الإفخارستيا:
الكلمة تعني الشكر. وهكذا فعل السيد المسيح أن أخذ خبزاً وشكر وأخذ كأساً وشكر (لو19:22+ مت27:26)
المسيح كان يشكر الآب كرأس للكنيسة على الحياة التي أعطاها الله للإنسان، ولما فقد الإنسان الحياة، تجسد المسيح وأعطانا جسده نأكله فنحيا للأبد. فالشكر هنا هو على الحياة التي أعطاها الله لنا وأعادها لنا بعد أن فقدناها. لذلك يصلي الكاهن في القداس (قدوس قدوس قدوس.. الذي جبلنا وخلقنا ووضعنا في فردوس النعيم. وعندما خالفنا وصيتك بغواية الحية سقطنا من الحياة الأبدية.. فلم تتركنا.. وفي آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس ..) [ثم تأتي صلوات التقديس ويتم تحول الخبز إلى جسد والخمر إلى دم] ويصلي الكاهن (يُعطى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه)فالله أعاد لنا الحياة الأبدية بفداء إبنه وبهذا السر.
والشكر نجده ليس فقط في كلمة وشكر التي قالها السيد عند تأسيس السر، بل بعد تأسيس السر "سبح الرب مع تلاميذه" (مت30:26)
والكنيسة بنفس هذا المفهوم:
1) تسبح تسابيح كثيرة قبل صلاة رفع بخور باكر ورفع بخور عشية (يصليها الشعب)
2) تسبح بالمزمور الخمسين وغيره أثناء التوزيع (يصليها الشعب)
3) تردد صلاة الشكر مع صلوات الأجبية في عشية وباكر ووقت القداس (يصليها الشعب)
4)تردد صلاة الشكر في بداية صلاة رفع بخور العشية ورفع بخور باكر (يصليها الكاهن)
5) تصلى صلاة الشكر بعد تقديم الحمل (يصليها الكاهن)
6) يبدأ القداس بعد صلاة الصلح بقول الكاهن "فلنشكر الرب" (يصليها الكاهن)
7) تردد الكنيسة بواسطة الكاهن نفس كلمات السيد الرب على الخبز وعلى الخمر وشكر وبارك وقدس.
نضيف إلى ذلك أن الإنسان حين يود أن يشكر إنسان آخر يقدم له هدية. وماذا نقدم لله. فالله هو الذي أعطانا كل شئ، ونحن إذا أردنا أن نقدم شيئاً لله فنحن نقدم له مما سبق وأعطانا (1أي14:29) "لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك". وأعظم ما قدمه لنا الله هو عطية الإفخارستيا "جسد ودم ابنه" فنحن في القداس نقدم لله أعظم ما يمكن تقديمه كشكر على كل ما أعطانا، نقدم ونرفع لله هذه الصعيدة التي هي جسد ودم إبنه.
ورأينا السيد الرب عند تأسيس السر يشكر أولاً وبعد تأسيس السر يسبح مع تلاميذه [كان اليهود بعد الأكل من الفصح يسبحون بمزامير تشير لفداء المسيح]. وكان شكر الرب يسوع وتسبيحه (هو كرأس للكنيسة يقود التلاميذ للتسبيح كما يقود الرأس الإنساني أعضاء الجسم) علامة فرحه الناشئ عن محبته للبشرية التي سيعيد لها الحياة بفدائه وبواسطة هذا السر، لذلك يقول الكتاب "إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى، فحين كان العشاء" (يو1:13،2)
وهذا السر يمكن تشبيهه بمريض مصاب بمرض في الدم يؤدي به للموت، ولهذا يحتاج لعملية نقل دم مستمر. ونقل الدم والدم حياة، هي عملية نقل حياة. وبنفس المفهوم نحن وُلدنا من المعمودية ولادة جديدة لكن حياتنا في العالم تصيبنا بمرض الخطية القاتل فالخطية= موت. لذلك نحن نحتاج للتناول لنقل حياة من المسيح لنا نحن الموتي روحياً بالخطية.
+ الله خلق الإنسان للخلود، فهو كان يمكنه أن يأكل من شجرة الحياة، لكنه أكل من شجرة معرفة الخير والشر، وبسبب هذه الخطية مات. ولكي يستعيد الحياة صار اللوغوس إنساناً وإتحد بجسد قابل للموت وأعطى جسده هذا مناعة ضد الفساد فصار جسداً محيياً.
+ وبالفداء غفرت الخطايا.
+ وبالإفخارستيا إمتزج بأجسادنا بواسطة جسده المقدس ودمه الكريم.
وهكذا صارت لنا شركة جسد المسيح ودمه حياة وقداسة.
حياة * من يأكلني يحيا بي (يو57:6)
قداسة * عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (1تي16:3)
ولأنه أعطانا حياته قال بولس الرسول "لي الحياة هي المسيح" (في21:1)
ولأن المسيح فينا بحياته فإننا نقوم بالضرورة. صارت حياته فينا كبذرة خلود. فكل من يمتنع عن هذا السر يمنع نفسه عن الحياة الأبدية وعن التقوى والقداسة. وعلينا أن لا نتساءل كاليهود "كيف يستطيع هذا أن يعطينا جسده لنأكل" (يو52:6)
+ ومن يتناول يثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه (يو56:6). وبذلك فكل منا يتحد بالمسيح ويثبت فيه فنكون كلنا متحدين بعضنا ببعض "جسد واحد" (أف4:4)
+ وجسد المسيح محيي لأنه متحد بلاهوته. فالحياة التي في المسيح حين تتلامس معنا تعطينا حياة. كما أن النار إذا تلامست مع ماء تجعله يسخن. وهكذا أعطى السيد الحياة للموتى بكلمته وباللمس. وبلعابه (جسده) شفى أصم وأعقد (مر32:7-35).
+ والله حتى لا نجزع إذ نأكل لحماً ونشرب دماً، أبقى على الشكل الظاهري للخبز والخمر.
رموز سر الإفخارستيا في العهد القديم
1) ملكي صادق:
وهذا كان كاهناً لله العلي وأخرج خبزاً وخمراً.. (تك18:14) وكهنوت المسيح كان على هذا الطقس (مز4:110). وليس على الطقس الهاروني الذي يقدم ذبائح حيوانية. وذبيحة هرون الدموية كانت ترمز لذبيحة الصليب، وتقدمة ملكي صادق هي غير دموية تشير لذبيحة الإفخارستيا. وملكي صادق لم يكن له نسل وكهنة تسلموا منه بخلاف هرون الذي مات وتسلم أولاده بعده وذلك إشارة لأن كهنوت المسيح باقي للأبد. فذبيحة المسيح قدمت مرة واحدة ولن يصلب المسيح ثانية ولكن الإفخارستيا هي ذبيحة لا ينقطع تقديمها للأبد
2) (إش19:19-21): "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر.. ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة". ها نحن أمام ذبيحة ومذبح في مصر وهما ليسا ذبائح ومذبح يهوديين. فبحكم الشريعة لا يمكن إقامة مذبح للرب خارج أورشليم (تث5:12،11،13،14،18). إذاً هو المذبح المسيحي والذبيحة هي الإفخارستيا.
3) (ملا11:1): "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها إسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يُقرًّب لإسمي بخور وتقدمة طاهرة" والتقدمة سيقدمها الأمم وفي كل مكان، إذاً هي ليست تقدمة يهودية بل الإفخارستيا.
4) ولذلك سيكون هناك كهنة من بين الأمم ليقدموا هذه التقدمة (إش20:66،21). ويقول الرب "لأن بيتي بيت الصلوة يُدعى لكل الشعوب" (إش7:56) وإرمياء أطلق على هذا إسم "العهد الجديد" (إر31:31)
5) (إر17:33،18+ 20،21): "لأنه هكذا قال الرب. لا ينقطع لداود (المقصود المسيح ابن داود) إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. ولا ينقطع للكهنة اللاويين إنسان من أمامي يصعد محرقة ويحرق تقدمة ويهيئ ذبيحة كل الأيام" هذه لا تنطبق على اليهود الذين توقفت ذبائحهم بعد خراب الهيكل سنة 70م. إذاً هذه النبوة عن كنيسة المسيح.
6) من رموز الإفخارستيا المن الذي نزل من السماء وخبز الوجوه، لكن من أكل من هذا مات أما من يأكل من جسد المسيح فيحيا للأبد.
7) (أم1:9-5): الحكمة (المسيح أقنوم الحكمة) (1كو24:1) بنت بيتها (الكنيسة). نحتت أعمدتها السبعة. ذبحت ذبحها مزجت خمرها (الإفخارستيا) أيضاً رتبت مائدتها.
8) (مز5:23): "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ" فقبل المسيح كان الشياطين مضايقو الإنسان يعدون له موائد خاطئة تشبع غرائزه وتقتله، أما المسيح فاعد لنا مائدة مشبعة تعطينا حياة أبدية.
9) كانت كل الذبائح في العهد القديم (الفصح في سفر الخروج والمحرقة والخطية والإثم والسلامة وتقدمة الدقيق في سفر اللاويين والبقرة الحمراء في سفر العدد) تشير لذبيحة الصليب. كل ذبيحة منها تشير لجانب من جوانب ذبيحة الصليب. لكن ذبيحة السلامة بالذات تشير لذبيحة الإفخارستيا فالكل كان يأكل منها (راجع تفسير الذبائح في أماكنها بكل سفر)
10) (خر11:24): "فرأوا الله وأكلوا وشربوا" كما أكل التلاميذ وشربوا أمام المسيح.
رموز الإفخارستيا في العهد الجديد:
أما في العهد الجديد فهناك معجزة الخمس خبزات والسمكتين التي وردت في الأربعة الأناجيل لأهميتها، بل هي المعجزة الوحيدة التي وردت بالأربعة أناجيل. وهذه المعجزة تشير لسر الإفخارستيا وبها أراد السيد المسيح أن يغير أفكار الناس ليطلبوا الخبز السماوي بدلاً من الأرضي. فنسمع هنا أن السيد المسيح "أخذ الأرغفة وشكر" (يو11:6)ووزع على التلاميذ، والتلاميذ أعطوا المتكئين ونلاحظ:-
1. المسيح شكر إشارة لما سيحدث في سر الإفخارستيا المشبع للعالم كله.
2. المسيح يعطي للتلاميذ (الكهنوت في الكنيسة) والتلاميذ يعطوا للناس.
3. خمسة أرغفة وخمسة آلاف. ورقم (5) يشير للنعمة ورقم (1000) يشير للسمائيات. ولذلك فهذه المعجزة تشير لأن المسيح أتى لخاصته اليهود، كان في هذه المعجزة يشير لأنه يشبع خاصته اليهود الذين سبق وأفاض عليهم بنعمته. ومن يشبع يحيا في السمائيات. وتبقى 12 قفة مملوءة تشير لشعب الله في كل زمان وفي كل مكان. فرقم 12= 3×4 هم المؤمنين بالله في كل العالم. لذلك كان العهد القديم مكون من 12 سبط والعهد الجديد مكون من 12 تلميذ. والسمكة (إخثيس باليونانية) مكونة من خمس حروف (إ خ ث ى س) وهي الحروف الأولى للعبارة (يسوع المسيح إبن الله مخلصنا). وكانوا سمكتين فرقم (2) يرمز للتجسد. فالمسيح بتجسده جعل الإثنين واحداً (أف14:2) ثم قام السيد المسيح بعمل معجزة شبيهة لعدد (4000) عن طريق 7 خبزات وتبقى 7سلال. والمعنى أن رقم (4) يشير للعالم. والمسيح أتى ليشبع العالم كله من الأمم. ورقم 7 يشير للسبع كنائس.
ومعنى المعجزتين أن المسيح أتى لكل العالم يهود وأمم.
ويضيف بولس الرسول ملحوظة مهمة. أن الشعب كله عبر البحر الأحمر (إعتمدوا) وأكلوا من المن (تناولوا) ولكن أغلبهم مات في البرية. إذاً فلنفحص أنفسنا هل نحن مستحقين للتناول (1كو1:10-11 + 1كو6:5-8) فما نأكله هو جسد حقيقي، قال عنه السيد الرب "جسدي مأكل حق.." (يو55:6،56) وحق تعني الشئ الذي لا يتغير ولا يزول وهذا ليس سوى الله. فما أرهب ما نتناوله.
إن سر الإفخارستيا هذا هو الذي حافظ على الكنيسة عبر العصور بسبب وجود المسيح وسطها دائماً، فهو وسط كنيسته كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر (مت20:28) وكثير من الكنائس التي أنكرت هذا السر ضاعت مع الأيام. فالكنائس ليست فقط تعاليم بل هي حياة يسكبها المسيح على كنيسته فتحيا، لذلك فالإفخارستيا هي سر الأسرار جميعاً، وهي المنبع الدائم الذي تنسكب منه حياة المسيح في الكنيسة على مر الأزمان وبه نتحد كلنا كشعب للمسيح جسد واحد وخبز واحد (1كو7:10) فكل إنشقاق هو ضد الوحدة التي جاء المسيح لأجلها (يو20:17-23)
القـــــداس
يتم سر الإفخارستيا عن طريق:
1. كاهن شرعي.
2. صلوات القداس.
3. مادتي السر أي الخبز والخمر.
4. وجود شعب (أقل عدد 3) فهو سر الشركة.
5. وجود لوح مقدس (مدشن) أو في كنيسة مدشنة.
الكاهن عمله الأساسي تقديم الذبيحة (أعطيتني هذه الخدمة المملوء سراً) (غريغوري).
وكلمة قداس هي باللغة العربية وبالقبطية (أنافورا) وباليونانية (إفخولوجيون) ويسميها اللاتين (ليتورجيا)
وليتورجيا أصلاً هي كلمة يونانية الأصل ومعناها الحرفي (ليتوس)= عمومي + (أرجون)= عمل. والمعنى عمل عمومي. وصار معناها الخدمة الإلهية. وكان في العهد القديم يراد بالليتورجيا الخدم التي يقوم بها الكهنة واللاويون في الهيكل لتمجيد إسم الله والإقرار بلاهوته وإشهار عبادته. أما في العهد الجديد فقد خصصت لأن تكون إشارة لخدمة القداس ولاسيما عند الشرقيين الذين إستعملوها للدلالة على ترتيب النظام الطقسي والصلوات وخدمة القداس.
وبهذا تصبح الليتورجيا أو القداس هي مجموعة من الصلوات والتضرعات والإبتهالات تتلى وقت الخدمة الإلهية وتقديس الأسرار الربية، وغرضها تقديس سر الإفخارستيا المعروف بالعشاء الرباني أو العشاء السري الذي يتكون من خبز وخمر ويتحولان بقوة وفعل الروح القدس وبواسطة تلك الصلوات إلى جسد الرب ودمه.
وأول من ألف صلوات للقداسات هم الرسل كما إستلموها من الرب يسوع نفسه وكان هناك قداسات كثيرة ألفها بطاركة وأساقفة، ثم فضلت الكنيسة القبطية أن تلتزم بثلاثة قداسات فقط هم:
1) الباسيلي لواضعه القديس باسيليوس الكبير.
2) الغريغوري لواضعه القديس غريغوريوس الثاؤلوغوس (المتكلم بالإلهيات) وكان أسقفاً للقسطنطينية.
3) الكيرلسي وواضعه الحقيقي القديس مرقس الرسول ثم زاد عليه القديس كيرلس الكبير.
بينما نجد لدى الأحباش 12 ليتورجيا.
ولإيمان الكنيسة بأن الموجود على المذبح هو جسد الرب يسوع، تنبه الكنيسة على لسان الشماس:
1. للصلاة قفوا.
2. قفوا بخوف الله.
3. اسجدوا لله بخوف ورعدة.
وكل نداء بحسب الوضع، أي هل تمت إستحالة الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه أم هي للخشوع أم هي للصلاة.
القداس هو فترة نحياها في السماء
بوجود السيد الرب وسطنا في الكنيسة تصير الكنيسة سماء. لذلك يصرخ الكاهن (ارفعوا قلوبكم) إلى السمائيات التي أنتم فيها وكفوا عن التفكير في الأرضيات وصارت الملائكة تملأ الكنيسة لذلك يصلي الكاهن في القداس الغريغوري قائلاً (الذي ثبت قيام صفوف غير المتجسدين في البشر).
ولذلك تصور البعض أن الناس في القداس هم في كنيسة بلا سقف يحجب عنهم السماء وبلا حوائط تحجب عنهم باقي الكنائس، فالمسيح موجود في كل كنيسة بجسده ودمه، وبلا أرض فلقد إرتفعنا للسمائيات، فحيث يوجد المسيح يصير هذا المكان سماء. لذلك يأتي المؤمنون للكنيسة كوطن سماوي لهم، وعريسهم في وسطهم. وكل ما فقدوه خلال الأسبوع من سلام ونور وحق وحياة يستردونه في هذه اللحظات التي يحيونها في السماء.
ولأننا واقفين أمام الله في السماء نذكر أسماء أحبائنا الراقدين، فهم أمام الله في السماء، ونحن أمام الله في السماء غير أننا لا نراهم بعيوننا.
ونلاحظ في القداس أنه يبدأ بصلاة الصلح. والصلح تم بين الناس وبعضهم وبين الأرضيين والسمائيين (صلاة الصلح في القداس الغريغوري). وبناء على هذا الصلح يرسم لنا الكاهن صورة للسماء حيث الله على عرش مجده وحوله الملائكة والشاروبيم والساروفيم يسبحون قدوس قدوس قدوس. ويرد الشعب مسبحين مع الشاروبيم والسارافيم بنفس تسبحتهم. لقد صار الكل في السماء مسبحين الله. فالملائكة تأتي لتشترك معنا في التسابيح ونحن نشترك معهم في تسابيحهم.
ممارسة الكنيسة الأولى لسر الإفخارستيا
بحسب سفر أعمال الرسل
"وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات وصار خوفٌ في كل نفس" (أع42:2،43)
يواظبون= يكرسون أنفسهم لعمل ما بإنتظام. فكانوا يجتمعون في مكان معاً للصلاة ولممارسة السر.
تعليم الرسل= وهذا ما تمارسه الكنيسة الآن، فالكنيسة تقرأ لشعبها البولس والكاثوليكون والإبركسيس والمزامير والأناجيل والسنكسار في كل قداس، وتلقي على شعبها العظات. ويستحيل أن تقوم ليتورجيا بدون خدمة الكلمة، فهذه تنقي "أنتم الآن أنقياء من أجل الكلام الذي كلمتكم به" (يو3:15). وحتى هذا الجزء من القداس كان يسمى قداس الموعوظين، الذي يصرح فيه للموعوظين (الذين يستعدون للعماد) بالحضور ثم يخرجوا. وطبعاً كان المؤمنين المعمدين يحضرون كل هذا لكنهم يستمرون. وبنفس الطريقة كان بولس يخاطب الشعب قبل كسر الخبز (أع7:20). وكانت رسائل الرسل تتلي على المصلين قبل القداس في حالة عدم حضور الرسل.
الشركة= هي ولائم المحبة التي يأكلون فيها معاً في محبة. وهذه أشار لها بولس الرسول (1كو20:1-22) وأنب بولس أهل كورنثوس على عدم محبتهم في أثناء هذه الولائم. وأشار لهذه الولائم يهوذا الرسول (يه12). وكذلك بطرس الرسول (2بط13:2). وما تبقى من هذه العادة توزيع لقمة البركة والقرابين في نهاية القداس. وكان هذا الطقس يسمى أغابي أي ولائم محبة. ولقمة البركة التي نأكلها الآن بعد القداس هي إعلاناً للمحبة التي تجمع الشعب معاً. ولأن الناس أساءوا التصرف في هذه الولائم إنفصل طقس الأغابي عن طقس الإفخارستيا إحتراماً للسر.
كسر الخبز= هو سر الإفخارستيا الذي قال عنه بولس "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح" (1كو16:11)
الصلوات= تشمل الشكر والتسبيح بالمزامير فهم فرحين بوجود المسيح بجسده ودمه وسطهم.
صار خوفٌ في كل نفس= هو خوف مقدس ومخافة الله، هم في محضر الرب، هم يتممون خلاصهم بخوف ورعدة (في12:2) ولهم يقين بحضور الرب وسطهم. لذلك يصرخ الشماس الآن "قفوا بخوف الله" + "اسجدوا لله بخوف ورعدة" وذلك لأن الله حاضر.
ومن الطقوس التي كانت تصاحب السر
1) عطايا الشعب (من خبز وخمر وخلافه) وما يأتون به لعمل الأغابي. وأوشية القرابين هي لطلب البركة لكل من قدم شيئاً. ويصلي أوشية القرابين أكبر رتبة كهنوتية تقديراً لمن قدم شيئاً.
2) تقديم الأموال عند إجتماع الشعب في أول كل أسبوع لخدمة الفقراء (عب16:13 + 1كو1:16 + 2كو8،9 + رو13:12)
كلمات إفخارستية
في تقديس القرابين يردد الكاهن نفس الكلمات التي قالها الرب يسوع ليلة تأسيس سر العشاء الرباني.
وشكر
الشكر هو على الحياة التي أعطاها الله للبشر في فردوس النعيم ولما فقدوها إذ أخطأوا ها هو يعيدها لهم بالفداء وبسر الإفخارستيا. والمسيح يشكر وهكذا سبح بعد السر كرأس للكنيسة والكنيسة أعضاء جسده. وهكذا هو كرأس يقود أعضاء الجسد فى الشكر والتسبيح حيث أننا لا نستطيع أن نفهم ما حصلنا عليه من حياة أبدية بهذا السر.
وباركه
بارك هي كلمة عبرية تعني الأقوال الحسنة. لذلك يقول السيد المسيح "باركوا لاعنيكم" (مت44:5) وهذه تعني.. لا تتكلموا عليهم كلاماً سيئاً بل كلاماً حسناً. وبنفس المفهوم يقول بولس الرسول "باركوا على الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا" (رو14:12) وحينما يبارك الإنسان الله فهذا يعني أنه يتكلم عنه كلام حسن وصالح أي يسبحه ويشكره ويعظمه، وهذا أقصى ما يستطيعه الإنسان أن يقدم لله كلاماً بالقلب أو باللسان ويسمى ذبيحة تسبيح (عب15:13) إذا صاحبها إنسحاق وتذلل أما حين يبارك الله الإنسان، حينئذ يتكلم الله كلاماً حسناً على هذا الإنسان ويقترن بالكلام الحسن فعل مادي، فالله حين بارك إبراهيم أكثر من الماديات التي أعطاها له. وعلى الإنسان حين يعطيه الله بركة أن يحافظ عليها ويمجد الله بها. والله بارك في مياه النيل لأجل الأنبا بولا. والعكس فحين يغضب الله على إنسان بسبب خطيته تصيبه اللعنة. فاللعنة هي إنعدام البركة. والله أعطى الكهنة أن يباركوا الشعب قائلين "يباركك الرب ويحرسك.. (عد22:6-27) ولاحظ أن الكاهن يردد إسم الله في البركة، فالذي يبارك حقيقة هو الله. والكاهن حين ينطق بالبركة فالله يبارك. ولذلك يصلي الكاهن في القداس ليبارك الله في الزروع والعشب.
وبركة الإنسان لله هي تسبيح له ومثال لذلك "باركي يا نفسي الرب ولا تنسي جميع حسناته." (مز1:103-5) فبركة الإنسان لله هي خدمة إلهية وشكر وتسبيح وإعتراف وتمجيد. وحين يسمى الكتاب الله بالمبارك، فهذا يعني الله المستحق كل تسبيح وتمجيد وتعظيم. لذلك سأل رئيس الكهنة يسوع قائلاً "أأنت المسيح إبن المبارك" (مر61:14). وأيضاً مبارك أنت يا رب (مز12:119). وبهذا نفهم أن الله يسمى بالمبارك:
1. فهو مصدر كل بركة.
2. هو مستحق أن يباركه كل إنسان أي يسبحه.
ونحن نبارك الله على أعظم بركة أعطاهها لنا وهي سر الإفخارستيا.
والله حين بارك الخمس خبزات تحولت بفعل إعجازي لوفرة من الطعام وأشبعت الجموع فكلمة الله حية وفعالة ولها عمل واضح لخير من يرضي الله عليه.
في العهد القديم كانت بركة الله مادية (زيادة في الغلة والمسطار والمواشي..) وفي العهد الجديد هي بركة روحية، هي طعام سمائي وشراب إلهي في سر جسد المسيح ودمه فيعطي للإنسان حياة أبدية.
وحين أمسك الرب يسوع بالخبز ليلة العشاء السري وباركه، كان لهذه الكلمة فعل في تحويل الخبز إلى جسد يعطي حياة.
فالإنسان حين يبارك لا يستطيع إلاّ أن يقول كلاماً. أما المسيح حين يبارك فهو يفعل ويعطي حياة، يحول الخبز إلى جسده. لذلك قال لتلاميذه خذوا كلوا هذا هو جسدي.
وأمام هذا العمل العجيب لا يسع الإنسان إلاّ أن يبارك الله ويسبحه ويشكره لذلك سبح المسيح مع تلاميذه بعد إتمام السر ليعلمنا ويعلم الكنيسة كلها في كل زمان وكل مكان أن تسبح الله على بركته التي أعطاها للبشر.
ولذلك فهو سر الشكر الذي فيه تشكر الكنيسة الله على ما أعطاها، على سر الحياة. وتقدم لله أعظم عطاياه ألا وهو جسد ودم إبنه على المذبح.
وقدسه
قال السيد المسيح "الذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم". وبنفس الفكرة قال "لأجلهم أقدس أنا ذاتي" (يو36:10 +19:17). ويقدس أي يخصص، والمسيح تجسد لكي يخصص جسده للصلب. وحين يقول أن الآب قدسه، ثم يعود ويقول أقدس أنا ذاتي، فنفهم أنه والآب واحد، هو مساوٍ للآب، ولهم نفس الإرادة.
وقسمه
هنا نرى الجسد المكسور على الصليب
وشكر= على الحياة التي أعطاها الله للبشر.
وبارك= حول الخبز إلى جسد.
وقدس= خصص هذا الجسد للصلب.
وقسم= إنكسر الجسد وصلب.
هذه الإفخارستيا ليست مجرد ذكرى لموت الرب، لكن هي جسد مكسور ودم مسفوك. هي نفسها عشاء الرب. هي المسيح مات لأجل خطايانا، ويعطي لغفران الخطايا، هي بشارة مستمرة بموت الرب.
وذاق
هو نوع من الإتحاد بين المسيح وبين كنيسته (عروسته)، فهو العريس وكنيسته هي العروس (يو29:3)
لذلك يكمل السيد "وأقول لكم: إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي" (مت29:26). وهذا إشارة للحياة الجديدة في السماء بجسد ممجد في إتحاد كامل لن ينفصم للأبد، وهذا سيكون بعمل الروح القدس. فالروح القدس هو الذي يثبتنا في جسد المسيح من الآن (في سر الميرون). وهذا العمل يكمل نهائياً في الحياة الأخرى. وهذا تم التعبير عنه في سفر الرؤيا بتغيير لقب العروس للكنيسة إذ صارت إمرأة الخروف (رؤ7:19)
"شهوة إشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم" (لو15:22)
ولاحظ أن المسيح وهو مقبل على الموت بعد ساعات لا يشتهي أكل خروف الفصح، بل يشتهي أن يؤسس هذا الفصح الجديد أي سر الإفخارستيا الذي به سيعطي حياة لشعبه. فإتحاده بنا هو إتحادنا بالطريق الذي يؤدي بنا للسماء وللحياة الأبدية (عب19:10،20). فهو يريد أن نكون معه في مجده (يو24:17) وبهذا يحملنا فيه إلى حضن الآب. هذا هو ما يشتهيه المسيح فهو لا يشتهي طعاماً (يو32:4).
إني لا آكل منه حتى يُكمل في ملكوت الله
هنا بداية الإتحاد بالمسيح، هنا العربون، ولكن بعد أن نترك العالم وندخل إلى الملكوت نرى مجد الله، ويكون إتحادنا بعريسنا أبدياً.
ولاحظ فالروح يثبتنا في الإبن، والإبن يحملنا لحضن أبيه.
لذلك فنحن في تقديم الحمل نبارك الثالوث قائلين: مبارك الله الآب ضابط الكل: مبارك إبنه الوحيد الجنس يسوع المسيح ربنا: مبارك الروح القدس المعزي. فعمل الخلاص هو عمل الثالوث. وفي تقديم الحمل نجد أن إسم الثالوث يبارك القرابين.
أخذ خبزاً - وبارك - وكسر - وأعطى - وسبحوا
تكاد الكلمات تكون واحدة في كل الأناجيل + كلمات بولس الرسول في رسالة كورنثوس الأولى.
وهي نفسها أجزاء القداس الآن
أخذ خبزاً= تقديم الحمل
وبــــارك= الصلوات وكلمات التقديس
وكســــر= القسمة
وأعطــى= التوزيع (التناول)
وسبحــوا= كان اليهود بعد الفصح يسبحون بمزامير تشير للفداء وأزمنة الخلاص وهذا ما إستعمله المسيح مع تلاميذه بإعتبار هذا هو الفصح الحقيقي، وكان فصح اليهود إشارة له.
والكلمات التي قيلت مع الخبز قيلت مع الكأس لذلك قال لوقا
وأيضاً الكأس بعد العشاء
قربان= أصلها العبري قَرِبَ ومنها قرباناً أي الذي يقرب لله= بروسفورا
صعيدة= هي نفسها قربان ولكنها هنا تعني إصعاد أو تقديم أو رفع نصعدها لله. ولا فرق بين قربان وذبيحة وصعيدة "كما أحبنا المسيح.. وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله.. رائحة طيبة (أف2:5). فالرائحة الطيبة إشارة للبخور، والبخور هو صعيدة إذ يصعد إلى فوق.
أنافورا= تفيد عملية التقديم أو الإصعاد بكاملها، هي ليتورجية أو خدمة إصعاد الصعيدة أي صلوات القداس. وعناصر القداس الشكر وتسبيح الله على الخلقة وإستدعاء الروح القدس.
إملأ هذه الصعيدة التي لك يا رب بالبركة التي من قبلك (القداس الكيرلس)
والبركة هنا هي تحويلها للجسد والدم أي تقديسها.
يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد
(عب8:13)
ما بين خيمة الاجتماع والكنيسة والسماء (رؤ4)
الرؤيا السماوية
|
الكنيسة
|
خيمة الاجتماع
|
الله جالس على العرش
|
جسد ودم المسيح على المذبح
|
تابوت العهد في قدس الأقداس والمن داخله
|
7 مصابيح نار متقدة
|
الروح القدس يعمل في الكنيسة
|
منارة ذات 7 شعب
|
بحر زجاجي
|
المعمودية
|
المرحضة
|
24 قسيساً
|
كهنة
|
كهنة
|
القسوس لهم ثياب بيض
|
القسوس لهم ثياب بيض
|
الكهنة لهم ثياب بيض
|
القسوس يقدمون بخوراً
|
الكهنة يقدمون بخوراً
|
الكهنة يقدمون بخوراً
|
الكاروبيم (4حيوانات)
|
4 بشائر نرمز لها بأربع وجوه
|
كاروبيم فوق تابوت العهد
|
ملائكة في السماء
|
شموع مضاءة رمزاً للملائكة
|
كاروبيم نقش في كل مكان
|
تسابيح كثيرة
|
تسابيح كثيرة
|
تسابيح كثيرة
|
حقاً أن من يعيش في الكنيسة لن تكون السماء غريبة عليه، فالله ليس عنده تغيير أو ظل دوران. لقد كان العهد القديم ظلاً للعهد الجديد "لأن الناموس، إذ له ظل الخيرات العتيدة.." (عب1:10). والعهد الجديد هو ظل أو صورة أيضاً لما في السماء.
فدخول خيمة الاجتماع عن طريق باب، وندخل الكنيسة من باب ويوحنا في رؤياه رأى باباً مفتوحاً. ومذبح المحرقة يمثل الصليب عرش المسيح الذي به تمجد المسيح بجسده. وقدس الأقداس يمثل السماء وتابوت العهد يمثل عرش الله ويمثله المذبح المسيحي في الكنيسة موضوعاً عليه الكرسي وبه الكأس والصينية. والكرسي هو صندوق خشبي لوضع الكأس داخله ويمثل العرش (الكرسي والعرش إسمان لشئ واحد) فالكأس داخل الكرسي تحوي دم المسيح ملك الملوك.
والتابوت في الخيمة كان يحوي قسط المن ويمثله الآن الصينية، وعصا هرون ويمثلها الصليب الموضوع على المذبح،ولوحي الشريعة ويمثلها البشارة.
ونحن نصلي تجاه الشرق= فالفردوس المفقود كان في جنة عدن عند نهر الفرات وهذه كانت في شرق أورشليم. وبهذا نكون في صلواتنا في حنين للعودة للفردوس المفقود. والمسيح شمس برنا (ملا2:4) سيأتي من المشارق (مت27:24) وبهذا تحيا الكنيسة مترنمة مع يوحنا اللاهوتي بإشتياق لمجيء المسيح قائلة "أمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤ20:22)
ونجد في الكنيسة حجاب يرفضه طوائف كثيرة متعللين بأن الصلح قد تم ولم يعد هناك حجاب ولكن الكنيسة تضع الحجاب وبه ستر (ستارة):
1- هو حامل للأيقونات (هكذا تسميه الكنيسة اليونانية) وهي صور للقديسين الموجودين في السماء كحافز لنا أن نقتدي بهم لنكون معهم في السماء.
2- يفتح الكاهن الستر وفي يده صليب ليمثل أمام الناس أن المسيح بكهنوته (ذبيحته على الصليب فتح لنا باب السماء). وهذه التمثيلية اليومية تطبع في أذهاننا عمل المسيح نتأمله يومياً ونسبحه عليه، وهذا أفضل من إلغاء الحجاب. بل تضع الكنيسة صليباً عليه صورة المسيح المصلوب ليتأمل المصلين دائماً فيها، فالخطية كانت سبباً في وجود حجاب بيننا وبين الله، وكانت سبباً في صليب رب المجد، فنصلي طالبين الرحمة والمغفرة.
والكنيسة تضئ أنوار كثيرة وهكذا قال سفر أعمال الرسل أنه أثناء كسر الخبز "كانت مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها" (أع7:20،8). فالكنيسة سماء والسماء نور وخارج الكنيسة الظلمة الخارجية. والأنوار هي إعلان عن طبيعة المسيح النور الحقيقي. وتذكير للمصلين أنهم يجب أن يكونوا نوراً للعالم وهكذا في خيمة الاجتماع كانت هناك منارة مضيئة دائماً، وهذه ترمز للنور الذي يضيئه الروح القدس في قلوبنا.
أما الشموع فلها معنى أن القديسين والشهداء من زهدهم وعدم طلبهم لملذات العالم كانوا كمن ذابوا كالشمع ليضيئوا لنا. لذلك نضئ الشموع أمام أيقونات القديسين.
والشموع على المذبح تشير للملاكين اللذين ظهرا في القبر وقت القيامة
وقنديل الشرق يشير للنجم الذي ظهر للمجوس
وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر يصلي الكاهن ممسكاً ثلاث شمعات فوق الصليب ويبارك الشعب إشارة للمسيح نور العالم الذي صلب ليبارك الخليقة وبصليبه نقلنا من الظلمة إلى نوره العجيب (1بط9:2). وقد يستعمل الكاهن ثلاث شمعات (إشارة لبركة الثالوث للناس) وقد يستعمل شمعة واحدة (إشارة لأقنوم الابن الذي تجسد وصلب)
وتستخدم الكنيسة البخور وهو بمكوناته ورائحته الحلوة يشير للمسيح (راجع المواد المستخدمة في خيمة الاجتماع تحت عنوان البخور في سفر الخروج). وهناك لحن جميل تصليه الكنيسة يوم خميس العهد ويوم الجمعة العظيمة إسمه (فاي إيتاف إنف) ومعناه (هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا فإشتمه أبوه الصالح". والله هو الذي أمر برفع البخور مرتين في خيمة الاجتماع والهيكل بعد ذلك (خر38:29-42+ خر7:30،8). فكان الكاهن كل صباح يقدم خروفاً محرقة على مذبح المحرقة وبعد ذلك يدخل إلى مذبح البخور ليقدم البخور. وهكذا في المساء. وآخر أنبياء العهد القديم وهو ملاخي تنبأ بأن البخور والتقدمة الطاهرة (الإفخارستيا) سيقدمهم الأمم في كل مكان. بل رأينا أن الأربعة والعشرين قسيساً في السماء يقدمون بخوراً في مجامرهم (رؤ8:5) + (رؤ3:8،4). ولو قال أحد أن البخور هو إشارة للصلوات النقية فهل لم يوجد أحد من كهنة العهد القديم كان باراً وله صلوات نقية، وإذا وجد هذا الشخص فلماذا كان يقدم بخور لله؟! الله هو هو أمس واليوم وإلى الأبد. والله لم يلغ تقدمة البخور لتقوم الكنيسة بإلغائها. (راجع عد46:16 فالله يأمر هرون بتقديم بخور ليكفر عن الشعب) ولاحظ في (رؤ3:8،4) أن البخور كان يقدم مع الصلوات بواسطة الملائكة. وكان البخور يقدم مع الذبائح الدموية فقال المعترضون أنه طالما بطلت الذبائح الدموية بطل البخور!! لكن كان يقدم صلوات وتسابيح مع الذبائح الدموية أيضاً فهل نمتنع عن الصلوات والتسابيح طالما بطلت الذبائح الدموية!! وقال المعترضون أن الوثنيين يقدمون البخور فهل لم يعلم الله هذا وهو يأمر بالبخور!! وكذلك نلاحظ أن الوثنيين يقدمون لأوثانهم صلوات وأصوام فهل نمتنع عنهما!!
ولأن الله أمر برفع البخور في العشية وباكر (خر7:30،8) مازالت الكنيسة تحتفظ بنفس الطقس وترفع البخور في العشية وباكر. وحين نتأمل في البخور المتصاعد برائحته الحلوة من مجمرة مشتعلة ناراً نتساءل.. هل صلواتي نقية صادرة من قلب نقي مشتعل بالحب لله فتتصاعد إلى فوق. أيضاً البخور يعبر عن الحياة الطاهرة، هذه لها رائحة حلوة. والمجمرة طبعاً تشير لبطن العذراء والجمر المشتعل فيها يشير للمسيح الذي لاهوته (نار) متحد بناسوته (فحم).
رشم الصليب
تعلمنا الكنيسة أن نفعل هكذا: نضع إصبعنا على الجبهة ونقول بإسم الآب، فالآب هو أبونا السماوي الذي فوق الجميع. ثم نضع إصبعنا على الصدر ونقول والإبن لأنه تنازل وتجسد. ثم ننقل إصبعنا من الكتف الأيسر إلى الأيمن قائلينوالروح القدس الذي بقوة عمله المبنية على فداء المسيح إنتقلنا من اليسار إلى اليمين، ومن الرفض إلى القبول، ومن الظلمة إلى نوره العجيب. ثم نقول إله واحد معترفين بوحدانية الله في ثلاثة أقانيم. وهذا تقليد رسولي. وعلامة الصليب ترهب الشياطين. لقد صار الصليب علامة تميز المسيحيين ويفتخرون بها (1كو18:1 + 1كو2:2+ غل1:3+ غل14:6).
الصليب يذكرنا بعمل الفداء فنفرح ويذكر إبليس بهزيمته ومصيره البحيرة المتقدة بالنار فيفزع. وبنطق إسم الثالوث فقوة الإسم ترهب الشياطين فيبتعدوا ويتقدس المكان، لذلك نرسم علامة الصليب عند بدء أي عمل أو إجتماع أو في أي مخاطر. فكل شئ في الكنيسة يتبارك ويتقدس بالصلاة ورسم علامة الصليب ونطق إسم الثالوث. لذلك ففي بداية القداس يرسم الكاهن ملابس الخدمة البيضاء له وللشمامسة بعلامة الصليب لتتقدس وتتكرس فإن كل من يقترب من الله يجب أن يكون مقدساً.
رسم علامة الصليب فيه إعتراف بموت الرب عنا على الصليب، وبالمعمودية نشترك معه في هذا الموت وفي قيامته. علامة الصليب جعلت موت المسيح ليس حقيقة تاريخية بل حقيقة حاضرة دائماً.
تقديم أسماء المرضى والمنتقلين ومن لهم حاجة
وهذا كان يمارس منذ القدم للصلاة من أجلهم، أليس المسيح موجوداً معنا على المذبح فلنسأله لأجل حاجياتنا. نسأله لأجل الراقدين والأحياء إعلاناً عن عقيدة شركة القديسين في السماء وفي الأرض. لذلك ففي أوشية الراقدين نصلي أيضاً للأحياء "وأما نحن الأحياء فهب لنا كمالنا المسيحي.." ونذكر القديسين فنتعزى بذكراهم. ونصلي لأجل الرؤساء ليبطل الله عنهم محاربات الشياطين فنحيا في سلام. وتصلي لأجل كل إنسان وللمزروعات والأمطار..
هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الإخوة معاً
كالطيب النازل على الرأس
النازل على اللحية لحية هارون (مز1:133،2)
الإخوة الذي يجتمعون هم شعب الله في الكنيسة
الطيب النازل على الرأس هو الروح القدس الذي حل على المسيح يوم عماده
اللحية هي شعب المسيح الملتصق به كما يلتصق الشعر بالرأس
المسيح هو رأس الكنيسة
حينما نجتمع في محبة ينسكب الروح القدس ليثبتنا في الرأس المسيح والمسيح يحملنا إلى حضن الآب.
تعليقات
إرسال تعليق